في لحظة فارقة من تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي، تعود غزة إلى واجهة الأحداث العالمية بعد قرار المجلس الوزاري الإسرائيلي وضع خطة شاملة لاحتلال القطاع بالكامل. خطوة وُصفت بأنها ليست مجرد تحرك عسكري، بل مشروع متكامل لاقتلاع الشعب الفلسطيني من أرضه، وتصعيد غير مسبوق لحرب الإبادة المستمرة منذ شهور. في قلب هذه الأزمة، تعالت الأصوات المنددة، وفي مقدمتها الموقف المصري الذي جاء حادًا وصريحًا، محذرًا من كارثة إنسانية وسياسية إذا لم يتحرك العالم الآن.
مصر تدين وتكشف خطورة المخطط الإسرائيلي
أعلنت وزارة الخارجية المصرية إدانتها "بأشد العبارات" لقرار إسرائيل احتلال قطاع غزة بالكامل، معتبرة أن هذه الخطة ليست سوى محاولة لترسيخ احتلال غير شرعي، وتدمير كل مقومات حياة الشعب الفلسطيني، وتقويض حقه المشروع في إقامة دولته المستقلة، وتصعيد الهجمة على القضية الفلسطينية حتى تصفيتها نهائيًا.
وأكد البيان أن ما يجري يمثل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي والقانون الإنساني، محذرًا من أن استمرار سياسة التجويع والقتل الممنهج والإبادة الجماعية في غزة سيؤدي إلى إشعال فتيل العنف وتوسيع دوائر الصراع في المنطقة، ويغذي الكراهية والتطرف.
نداء مصري عاجل للمجتمع الدولي
مصر، التي تابعت المشهد عن كثب، وجهت دعوة مباشرة إلى المجتمع الدولي، ومجلس الأمن، وجميع القوى الفاعلة، لوقف ما وصفته بـ"عربدة القوة" الإسرائيلية، وفرض أمر واقع بالقوة العسكرية. وشددت القاهرة على أن السلام والاستقرار لن يتحققا إلا عبر حل سياسي عادل يضمن قيام الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من يونيو 1967، وعاصمتها القدس الشرقية.
تصعيد خطير وإدانة صريحة لإسرائيل
وفي قراءة للمشهد، قال اللواء نبيل السيد، الخبير الاستراتيجي، إن الخطة الإسرائيلية لاحتلال غزة تمثل مرحلة جديدة وخطيرة في مسار الصراع، مؤكدًا أن هذه الخطوة قد تفجر الأوضاع في المنطقة بأسرها.
أضاف: "نحن ندين بشدة هذا السلوك العدواني من جانب إسرائيل، فهو ليس مجرد خرق للقانون الدولي، بل جريمة مكتملة الأركان بحق الإنسانية، ويكشف عن نية مبيتة لاقتلاع الشعب الفلسطيني من أرضه"، مشددًا على أن مثل هذه السياسات لن تحقق الأمن لإسرائيل بل ستشعل المنطقة بموجات جديدة من الغضب والمقاومة.
وأوضح السيد أن "المجتمع الدولي أمام اختبار حقيقي"، فإما أن يتحرك لوقف هذا المخطط قبل أن تتحول غزة إلى مقبرة جماعية، أو أن يتحمل تبعات صمته، مشيرًا إلى أن أي محاولة لتصفية القضية الفلسطينية ستفشل، تمامًا كما فشلت محاولات مماثلة في العقود الماضية.
بين إصرار الاحتلال على فرض واقع بالقوة، وتمسك الفلسطينيين بحقهم التاريخي، يقف العالم أمام لحظة حاسمة.. إما أن تُكبح جماح الحرب قبل أن تتحول غزة إلى مقبرة جماعية، أو أن تدخل المنطقة في نفق مظلم يصعب الخروج منه. وفي قلب هذه العاصفة، يبقى الموقف المصري صرخة تحذير مدوية، بأن السلام الحقيقي لا يُبنى على أنقاض الشعوب، بل على العدالة والحقوق.