في مشهد يجسد مكانته في وجدان الثقافة العربية، تتابعت بيانات النعي من مؤسسات الدولة، والهيئات الثقافية، والرموز الإبداعية، لرحيل الأديب والروائي الكبير صنع الله إبراهيم، الذي غيّبه الموت أمس عن عمر ناهز 88 عامًا، تاركًا خلفه إرثًا أدبيًا سيظل شاهدًا على تجربة فريدة في السرد العربي.
اتفق الناعون على أن فقدانه يمثل خسارة فادحة للأدب المصري والعربي، وأن كلماته ستبقى حية في ذاكرة القراء والمبدعين.
الدولة تنعى مؤرخ اللحظة الإنسانية
نعى الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، الراحل بكلمات عكست تقديره العميق لإبداعه، مؤكدًا أن "الإرث الأدبي الزاخر الذي قدمه سيجعل منه أيقونة خالدة في مسيرة الإبداع العربي وأحد رواد الأدب المصري المعاصر"، مشيرًا إلى أن إنتاجه الغزير "يمثل مرآة صادقة للمجتمع بكل تناقضاته".
ومن جانبه، قال الدكتور أحمد فؤاد هنو، وزير الثقافة، إن الساحة الأدبية "فقدت قامة أدبية استثنائية"، مشيدًا بكونه "أحد أعمدة السرد العربي المعاصر" الذي التزم طوال حياته بقضايا الوطن والإنسان، مؤكدًا أن أعماله أصبحت "علامات مضيئة في المكتبة العربية".
المؤسسات الثقافية تستحضر مسيرته
أعربت مكتبة الإسكندرية عن حزنها العميق لرحيل الكاتب، وذكّرت بمحطاته البارزة في العمل الصحفي والأدبي، وبما قدمه من روايات خالدة مثل تلك الرائحة، وذات، وشرف.
كما رثته الأمانة العامة لمؤتمر أدباء مصر، معتبرة إياه "علامة فارقة في تاريخ الأدب العربي المعاصر" و"نموذجًا أصيلًا لأدب المقاومة"، مشيرة إلى دوره في رئاسة دورة المؤتمر عام 2012 تحت شعار "عقد ثقافي جديد".
أما مؤسسة هنداوي، فأكدت أنه كان "أحد أبرز الأصوات الحرة في الثقافة العربية"، و"كتب بجرأة المبدع وصدق الشاهد"، وأن أثره سيظل نابضًا في الذاكرة.
المبدعون يودعونه بالدموع والكلمات الصادقة
ودّعه نقيب الصحفيين خالد البلشي بوصفه "ضميرًا حرًا، ومثقفًا من طراز فريد، ومؤرخ اللحظة الإنسانية"، بينما عبّر الروائي أحمد مراد عن حزنه قائلًا: "كان أول من شجعني من جيل الكبار.. سأكتب دائمًا وكأنك تقرأ".
الشاعر والروائي إبراهيم نصرالله استعاد ذكرياته معه منذ لقائهما الأول عام 1985، واصفًا إياه بأنه "كاتب فريد في فنّه وصفائه وشجاعته"، أما الكاتب إبراهيم عبد المجيد فنعاه بكلمات موجعة: "يا إلهي.. رحل صنع الله إبراهيم.. كل كلام الدنيا لا يكفي تعبيرًا عن حزني يا معلمنا وصديق العمر الجميل".
الفنان تامر يوسف روى قصة بورتريه رسمه للراحل قبل 25 عامًا، كاشفًا عن بساطته وتواضعه، بينما قال الكاتب عمارة إبراهيم إنه كان "الإنسان الطيب، قليل الكلام، كثير الغموض، صاحب المواقف الصلبة".
رحل الجسد.. وبقي الأثر
هكذا، بدا وداع صنع الله إبراهيم أشبه بجنازة رمزية للكلمة الحرة، التي ظل طوال مسيرته يجسدها بصدق وشجاعة، رحل الجسد، لكن أعماله ستبقى حية، شاهدة على عصر، ومُلهمة لأجيال قادمة، تحفظ اسم صاحبها في سجل الخالدين.