كشف الدكتور علي جمعة، عبر صفحته الرسمية على فيس بوك، عن صفتين يحبهما الله ورسوله، قليل من يتخلق بهما رغم أنهما مفتاح لكل خير.
وقال علي جمعة: عندما رأى رسول الله ﷺ الأشج عبد القيس -وهو أحد الصحابة الكرام- قال له: «إِنَّ فِيكَ خَصْلَتَيْنِ يُحِبُّهُمَا اللَّهُ : الْحِلْمُ وَالأَنَاةُ».
ونوه أن سيدنا النبي ﷺ -وهو المتخلق بأخلاق الله سبحانه وتعالى-قد أحب هاتين الصفتين في الأشج، وهما صفتان عظيمتان قل من يتمسك بهما.
معنى الحلم
وأشار اللى أن الحِلْم صفة تكاد أن تتفلت من الناس، وهو مفتاح كل خير. ومعناه: أن تكون هادئ النفس، ولا تتكلم إلا في موضع ينبغي فيه الكلام. وقد مدح النبي ﷺ الصمت فقال: «إذا رأيتم الرجل قد أوتي صمتا فإنه قد أوتي الحكمة». فالحلم مفتاح الحكمة، وهو الذي يجعل رد الفعل متزنًا عند مواجهة المصائب والشدائد.
آثار الحلم
ومن آثار الحلم أنك تقدر على تنفيذ وصية النبي ﷺ: «ليس الشديد بالصرعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب». ويقول ﷺ : «لا تغضب ولك الجنة»؛ أي أن جزاء كظم الغيظ وضبط النفس هو الجنة. قال تعالى: {وَالكَاظِمِينَ الغَيْظَ وَالعَافِينَ عَنِ النَّاسِ}. وكظم الغيظ معناه أن الغضب حاصل، لكن صاحبه يضبط نفسه فلا ينفجر. فالشديد والبطل ليس المصارع الذي يغلب الناس، وإنما من يملك نفسه حين الغضب.
تأمل لو أن الناس أمسكوا أنفسهم عن الغضب بالحلم والأناة والتفكر؛ لانحلت المشكلات، ولما تهور أحد بقول السوء برد فعل غير محسوب. ومفتاح ذلك كله "ألا تغضب"، وعدم الغضب أمر عسير، لكنه يرفعك إلى مصاف الأبطال.
الحلم أيضًا يعلمك ضبط النفس والهدوء، ويقربك من ذكر الله، إذ ينبغي أن يكون حلمك لله تعالى لا لمجرد الطبع، فالحلم من أعمال القلوب، والنبي ﷺ يقول: «إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئٍ ما نوى». فإذا صبرت لله، وذكرت ربك بدلًا من التفكير في الانتقام، نلت الفضل العظيم. قال تعالى: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ}. فإذا ذكرت الله ذكرك، وإذا شغلت قلبك بذكره اطمأن قلبك، كما قال سبحانه: {أَلَا بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ القُلُوبُ}.
أسباب الفكر المستقيم
أما الأناة فهي التثبت والتروي قبل اتخاذ القرار، وهي من أسباب الفكر المستقيم، ولقد افتقدها كثير من الناس في عصرنا المتسارع؛ فأصبح الإنسان يسلك ما يطرأ على ذهنه دون النظر أو تدبر. ولهذا نعى الله تعالى على الناس غياب التدبر فقال:{أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ القُرْآَنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا}.
فالقرآن أمرٌ بالتعقل والتفكر والتدبر والتأمل والنظر. وما الذي أصابنا حتى أعرضنا عن وصية النبي ﷺ لأشج عبد قيس بقوله: «فيك خصلتان يحبهما الله ورسوله: الحلم والأناة»؟ إنما كثرت الخصومات، وامتلأت المحاكم بالنزاعات، لأننا فقدنا هاتين الصفتين، فلنحي في أنفسنا ما أحبه الله ورسوله من: الحلم والأناة، لنفوز برضا الله وسلامة القلوب وصلاح المجتمعات.