في قلب مجرة درب التبانة، يوجد أحد أكثر الظواهر الكونية غموضًا وإثارة، وهو الثقب الأسود المعروف باسم "القوس A*".
يقدر العلماء أن كتلة هذا الثقب الأسود تعادل 4.3 مليون مرة كتلة الشمس، ويبلغ قطره حوالي 24 مليون كيلومتر (15 مليون ميل).
على الرغم من حجمه الهائل، إلا أنه في حالة سبات حاليًا، ما يجعلنا نتساءل عن مستقبله ودوره في الكون.
النشاط المحتمل للثقب الأسود
بالرغم من أنه يُعتبر حاليًا خاملًا، إلا أن هناك توقعات بأنه قد يتحول إلى كائن نشط في المستقبل.
تقول البروفيسور كريستين دون، الخبيرة في الثقوب السوداء النشطة من جامعة دورهام، إن الثقب A* لا يبتلع كمية كافية من المادة ليكون نشطًا. ولفهم ذلك، يشير الباحثون إلى أن الثقب الأسود يحتاج إلى كمية كبيرة من المادة ليزداد نشاطه.
إذا تم إلقاء كمية كبيرة من المادة في الثقب A*، فمن المحتمل أن ينشط ويبدأ في إصدار تيارات من الطاقة.
يتوقع العلماء أن يحدث ذلك خلال 2.4 مليار سنة، عندما تصطدم مجرتنا مع السحابة الكبرى ماجلان (LMC)، وهي مجرة تابعة لمجرة درب التبانة.
التصادم مع السحابة الكبرى
السحابة الكبرى ماجلان تقع حاليًا على بُعد 200,000 سنة ضوئية من الأرض، وتزن تقريبًا مئة جزء من كتلة مجرتنا. يُعتقد أن تصادم مجرتنا مع هذه السحابة سينتج عنه ابتلاع مجرة درب التبانة لجارتها الأصغر.
هذا الحدث سيكون له تأثير كبير على الثقب A*، حيث يمكن أن يصبح أكثر ضخامة بمقدار يصل إلى ثمانية أضعاف.
تقول الأبحاث إن هذا الاندماج سيسفر عن فترة طويلة من النشاط للثقب الأسود، ما سيؤثر بشكل كبير على المجرة بأكملها. النشاط في نواة المجرة النشطة غالبًا ما يرتبط بتوليد نفاثات عنيفة.
مع ذلك، قد لا تكون النواة الناتجة عن الاندماج مع السحابة الكبرى ماجلان قوية بما يكفي لتشكل خطرًا جديًا على الحياة الأرضية.
هل كوكب الأرض في خطر؟
على الرغم من أن الإشعاع الناتج عن القوس A* سيكون قويًا، فإن المسافة الهائلة التي تفصلنا عنه، والتي تصل إلى 26,000 سنة ضوئية، ستجعل الأرض في مأمن من أي تأثير خطير. ووفقًا للدكتور جوزيف ميشيل، الفلكي من مركز هارفارد وسمثسونيان، فإن هذه المسافة تعني أن أي إشعاع يصل إلينا سيُخفف بشدة قبل أن يصل.
في تاريخ القوس A*، يُعتقد أنه أطلق انفجارًا قويًا قبل عدة آلاف من السنين، والذي قذف المادة لمسافة تصل إلى 25,000 سنة ضوئية فوق وتحت مستوى المجرة.
يُعرف العلماء بقايا هذا الانفجار بإسم "فقاعات فيرمي"، التي تم اكتشافها في السنوات الأخيرة. تمنع هذه الموجة من الإشعاع تشكيل النجوم في بعض مناطق المجرة، بينما تُسرّع هذه العملية في مناطق أخرى حيث يتم دفع سحب الغبار معًا.