في ظل التصعيد الإسرائيلي المتسارع وما يرافقه من انتهاكات متكررة لسيادة عدد من الدول العربية، عاد إلى الواجهة مجددًا الحديث عن ضرورة إنشاء قوة عربية مشتركة، باعتبارها خيارًا استراتيجيًا لحماية الأمن القومي العربي وضمان استقراره في مواجهة التحديات الإقليمية المتصاعدة.
فقد باتت الاعتداءات الإسرائيلية، التي تنوعت بين عمليات تهجير قسري للفلسطينيين وتجاوزات عسكرية في سوريا ولبنان واليمن، مؤشراً على أن تل أبيب لم تعد تعبأ بالخطوط الحمراء أو بالقوانين الدولية، بل تسعى لفرض واقع جديد يهدد مصالح المنطقة بأسرها.
وما ضاعف من خطورة المشهد، أن هذه الانتهاكات طالت مؤخرًا دولة قطر، بما يحمله ذلك من دلالات خطيرة على خرق قواعد الأمن الخليجي، وهو ما اعتبر نقطة تحول تكشف حجم التحدي الذي تواجهه الدول العربية .
أمام هذه التطورات، تتزايد الأصوات الداعية لتفعيل فكرة القوة العربية المشتركة التي طرحت قبل سنوات، باعتبارها السبيل الأمثل لبناء جبهة ردع حقيقية قادرة على مواجهة التمدد الإسرائيلي.
هاني سليمان: لا بديل عن قوة عربية مشتركة لحماية السيادة ومنع التمدد الإسرائيلي
قال هاني سليمان مدير المركز العربي للبحوث والدراسات في تصريحات خاصة لموقع صدى البلد إن الحديث عن قوة عربية مشتركة لم يعد ترفًا سياسيًا، بل بات ضرورة ملحة لمواجهة التعقيدات الراهنة والتعنت الإسرائيلي المتصاعد.
وأكد أن إسرائيل تجاوزت كل الخطوط الحمراء عبر جرائم التهجير القسري وانتهاك سيادة دول عربية مثل سوريا ولبنان واليمن، معتبرًا أن استهداف قطر كان نقطة تحول خطيرة تمثل خرقًا لقواعد الأمن الخليجي.
وأوضح أن هذا التطور يعكس استخفاف إسرائيل بالعملية السياسية وتحديًا مباشرًا لسيادة الدول العربية وأمنها القومي.
وشدد على أن الدعم الأمريكي المفتوح لإسرائيل على المستويات العسكرية والسياسية والإعلامية يمنحها غطاءً كاملًا للاستمرار في الاعتداءات، خاصة في ظل وجود حكومة إسرائيلية متطرفة بقيادة نتنياهو تروج لفكرة “إسرائيل الكبرى”.
واعتبر أن ما يجري حاليًا هو محاولة لاستغلال ما وصفه بـ”اللحظة الإسرائيلية”، بعد تقليص تهديدات حزب الله والميليشيات الإيرانية، لفرض واقع جديد عبر التمدد غير المسبوق في المنطقة.
وأشار إلى أن تشكيل قوة عربية موحدة أصبح أمرًا واجبًا وملحًا، مشددًا على أن التأجيل لم يعد ممكنًا في ظل المخاطر المحدقة.
ولفت إلى أن هذه القوة ستستمد ثقلها من التمثيل العادل للدول الأعضاء، مع الدور البارز لمصر نظرًا لعدد سكانها وقوة جيشها وخبرتها العسكرية، مما يمنحها رسوخًا ومصداقية.
وأكد أن الدعوة لتشكيل قوة عربية مشتركة ليست جديدة، إذ سبق أن طرحها الرئيس المصري منذ نحو ثماني سنوات، لكن الظروف الحالية تجعل من الضروري تفعيلها دون خلافات حول جوهرها.
وشدد على أن الاعتماد على العلاقات الدولية أو الحماية الأمريكية لم يعد كافيًا لضمان الأمن القومي العربي، مشيرًا إلى أن إسرائيل تجاوزت كافة الخطوط الحمراء رغم علاقات بعض الدول العربية القوية بواشنطن.
وختم سليمان تصريحه بالتأكيد على أن البديل الحقيقي هو بناء هيكل عربي مستقل قادر على حماية المصالح العربية بعيدًا عن أي حسابات أو تكاليف باهظة مرتبطة بالحماية الخارجية.