شهدت قمة الدوحة تفاعلات بارزة على الصعيد العربي والإقليمي، حيث تركزت النقاشات حول آليات الدفاع المشترك وتعزيز الردع الخليجي، إضافة إلى الموقف العربي الموحد تجاه التصعيد الإسرائيلي في قطاع غزة.
وفي هذا السياق، قدّم اللواء سمير فرج الخبير العسكري والاستراتيجي، قراءة شاملة لنتائج القمة وما حملته من رسائل قوية إلى الأطراف الدولية والإقليمية.
تفعيل الدفاع المشترك والردع الخليجي
ويرى فرج - في تصريحات خاصة لصدى البلد - أن ما يميز هذه القمة عن سابقاتها هو التأكيد الواضح على ضرورة تفعيل آليات الدفاع المشترك بين الدول العربية، إلى جانب تطوير قدرات الردع الخليجية.
وأوضح أن هذه الخطوة تعد تحولًا لافتًا في الخطاب العربي، مشيرًا إلى أن مجرد طرح هذه الملفات للنقاش العلني هو تقدم مهم بحد ذاته.
إدانة إسرائيل ورسائل إلى الأمم المتحدة
القمة، بحسب فرج، لم تقتصر على النقاشات الأمنية فحسب، بل تضمنّت أيضًا إدانة صريحة لممارسات إسرائيل، مع توجيه رسائل مباشرة إلى الأمم المتحدة.
وأكد أن هذه الرسائل كانت أكثر وضوحًا وجدية مقارنة بالقمم السابقة، مما يعكس رغبة عربية حقيقية في التأثير على الموقف الدولي.
كلمة الرئيس السيسي ورسالتها للشعب الإسرائيلي
أبرز ما جاء في القمة وفقًا لرأي “فرج”، كان كلمة الرئيس عبد الفتاح السيسي التي اعتبرها رسالة بالغة الأهمية للشعب الإسرائيلي.
فقد أكد السيسي أن سياسات حكومة نتنياهو تهدد اتفاقيات السلام السابقة وأي اتفاقيات مستقبلية. ووصف فرج هذه الرسالة بأنها بمثابة تحذير مباشر لإسرائيل، يحمل دلالات استراتيجية لا يمكن تجاهلها.
الموقف المصري.. وضوح وحزم
وأشاد فرج بالموقف المصري في القمة، مؤكدًا أنه كان واضحًا وحاسمًا، حيث أعلن الرئيس رفض القاهرة المطلق للممارسات الإسرائيلية الحالية.
كما شدد على أن استمرار التشاور العربي يعزز من قوة هذا الموقف الموحد، ويبعث برسالة رادعة إلى تل أبيب.
تأثير الرسائل على واشنطن وتل أبيب
وأضاف فرج أن الرسالة المصرية والعربية مرشحة للوصول أولًا إلى الولايات المتحدة، التي قد تضطر للضغط على إسرائيل للتهدئة. واستدل على ذلك بتغير نبرة الخطاب الإسرائيلي، حيث بدأت تل أبيب تتحدث عن إطالة أمد العمليات في غزة وعدم القدرة على تنفيذ مخططات التهجير بشكل كامل، وهو ما يراه نتيجة مباشرة لنصائح وضغوط أمريكية.
آفاق التهدئة المقبلة
واختتم فرج تحليله بالتأكيد على أن الأجواء باتت مهيأة أكثر من أي وقت مضى للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وإدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة. واعتبر أن الموقف العربي الموحد، مدعومًا بالرسائل المصرية الحاسمة، قد يسرّع من وتيرة الحلول السياسية في الفترة القادمة.
وتكشف القمة الأخيرة عن ملامح مرحلة جديدة في التنسيق العربي، عنوانها الوضوح والجرأة في مواجهة التحديات الإقليمية. وبينما تظل الأنظار متجهة نحو واشنطن وتل أبيب، فإن الرسائل التي خرجت من القمة وخاصة من القاهرة تؤكد أن العرب ماضون في الدفاع عن مصالحهم الاستراتيجية، وأن الموقف المصري يظل حجر الزاوية في معادلة التوازن بالمنطقة.