شهد الوسط الأثري المصري مؤخرًا حالة من الجدل، بعد الإعلان عن اختفاء سوار ذهبي نادر من مقتنيات الملك بسوسنس الأول، أحد ملوك الأسرة الحادية والعشرين، وذلك من داخل المتحف المصري بالتحرير.
وتعود أهمية السوار إلى كونه إحدى أبرز القطع التي عثر عليها في مقبرة الملك بمدينة تانيس، وقد قدر وزنه بنحو 600 جرام من الذهب الخالص.
الاكتشاف أثناء الاستعداد لمعرض إيطاليا
كشفت مصادر داخل المتحف أن اختفاء السوار تزامن مع عملية الجرد التي يجريها فريق متخصص، تمهيدًا لاختيار القطع الأثرية المقرر سفرها إلى إيطاليا للمشاركة في معرض “كنوز الفراعنة”، وخلال مراجعة القطع، تبين غياب السوار تمامًا عن قوائم العرض.
تحقيقات وإجراءات عاجلة
فور اكتشاف الواقعة، تم فتح تحقيق داخلي بالمتحف، وشملت الإجراءات التحفظ على هواتف بعض العاملين والبحث في السجلات الخاصة بحركة القطعة داخل معامل الترميم.
مجدي شاكر: نطالب بتكويد إلكتروني وجرد عاجل للمخازن.. والمشكلة الحقيقية فيمن يقف وراء السارق
قال مجدي شاكر، كبير الأثريين، إن المشكلة الحقيقية ليست في وقوع سرقة أثرية، وإنما في كيفية تأمين ما تبقى من الكنوز المصرية، مؤكدًا أن المطلوب هو وضع خطة شاملة لحماية كل القطع وليس الاكتفاء بحلول تقليدية، وكانت المفاجأة أن المعامل التي كانت تحتفظ بالسوار لا تضم أنظمة كاميرات مراقبة، وهو ما صعب عملية تتبع مسار اختفائه.
وأكد شاكر على ضرورة إنشاء نظام تسجيل إلكتروني لكل أثر، يتضمن كودًا خاصًا وسجلًا كاملًا (CV) يبدأ من لحظة اكتشاف القطعة وحتى مراحل نقلها وترميمها وعودتها، مشددًا على أن هذا التوثيق يجب أن يقترن بتركيب كاميرات مراقبة وأجهزة إنذار مبكر تعمل بالأشعة تحت الحمراء داخل المتاحف والمخازن.
وأضاف كبير الأثريين أن الاعتماد على الطرق القديمة مثل الأختام والرصاص لم يعد مجديًا، وأن المطلوب هو تطوير أساليب التأمين بما يتماشى مع قيمة الكنوز المصرية التي لا تقدر بثمن.
وأشار شاكر إلى أن من بين القطع المهمة التي تعرضت للسرقة أحد أساور الملك بسوسنس الأول من الأسرة الحادية والعشرين، والذي اكتشف في منطقة تانيس بالشرقية على يد عالم الآثار الفرنسي بيير مونتيه، موضحًا أن ظروف الحرب العالمية الثانية آنذاك حجبت أهميته عن المشهد العالمي، على عكس ما حدث مع كنوز توت عنخ آمون.
وشدد على ضرورة إجراء جرد عاجل لكل المخازن المتحفية، على أن يبدأ بالحلى الذهبية والقطع الأكثر عرضة للسرقة، مع مراجعة النسخ المقلدة التي قد تكون استخدمت من قبل في عمليات تهريب.
واختتم شاكر تصريحاته بالتأكيد على أن «المشكلة ليست في يد السارق وحده، وإنما فيمن يقف وراءه ويمول ويهرب ويعيد تدوير القطع»، مطالبًا بمتابعة دقيقة للوصول إلى من يدير مثل هذه الشبكات من الخارج
وفي تصريحات خاصة لموقع صدى البلد قال الدكتور محمد عبد المقصود، الأمين العام الأسبق للمجلس الأعلى للآثار، إن الموضوع ما زال قيد التحقيق من قبل الجهات المختصة، وهو ما فتح الباب أمام كثير من اللغط والجدل.
وأضاف: “الأسورة مازالت مختفية، لكنني أتوقع أن تصل جهات التحقيق إلى حقيقة ما حدث إن شاء الله”.
وأوضح عبد المقصود أن السوار كان ضمن القطع المختارة للمشاركة في معرض إيطاليا، لافتًا إلى أن المتداول حتى اللحظة يشير إلى أن قطعة واحدة فقط هي المفقودة.
قيمة تاريخية لا تقدر بثمن
السوار المفقود لا تقتصر أهميته على قيمته المادية فقط، بل يكمن في رمزيته التاريخية والدينية، وهو ما يجعله قطعة فريدة من نوعها، وضياعها يمثل خسارة كبيرة للتاريخ والتراث المصري.