قال الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف خلال منشور جديد عبر صفحته الرسمية على فيس بوك إن سيدُنا رسولُ الله ﷺ كان طاقةَ حبٍّ لا نهائية، استطاع أن يستوعب الخلق.
وتابع: وكان أبو بكرٍ، وهو في الهجرة، يتقدمه خوفًا عليه أن يأتي أذى من قِبَل وجهه، ثم يسير خلفه يحمي ظهره، ثم عن يمينه، ثم عن شماله، يتدلَّه فيه تدلُّه الأم بولدها. كان يحبه. وكثيرٌ من الناس يقرؤون نصوصًا الآن في البخاري ومسلم لا يفهمونها؛ لأنهم لا يعرفون كيف كان الصحابة يحبون سيدَنا رسول الله ﷺ.
وأشار إلى أنه عندما دخل سيدُنا النبي ﷺ المدينة قامت أمُّ سُليم بنت ملحان (أم أنس) بإحضار فلذة كبدها أنس بن مالك، وهو ابن عشر سنين، وجعلته خادمًا لسيدنا رسول الله ﷺ. ويا هناه أنسٌ أن خدم سيدَنا رسول الله ﷺ، ورأى الأخلاق تتجسد، والرحمة تتجسد، والحب يتجسد، والصدق يتجسد.
ويقول أنسُ بنُ مالكٍ رضِيَ اللهُ عنه: خدمتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم عشرَ سنين، فما قال لي: أُفٍّ قطُّ، وما قال لي لشيءٍ صنعتُه: لِمَ صنعتَه؟ ولا لشيءٍ تركتُه: لِمَ تركتَه؟ وكان رسولُ اللهِ من أحسنِ الناسِ خُلُقًا، ولا مسستُ خَزًّا ولا حريرًا ولا شيئًا كان ألينَ من كفِّ رسولِ اللهِ، ولا شممتُ مِسكًا قط ولا عطرًا كان أطيبَ من عَرَقِ النبيِّ ﷺ.
ولفت إلى أنه وفي فتح مكة، عندما جاءه المرتد عبد الله بن أبي سرح ـ وهو رجل صدر ضده حكم بالإعدام من أجل أذيته المسلمين، وسبِّه نساء المسلمين، وارتداده، وفساده في الأرض، وتعاونه مع العدو أيام الحرب، وقال ﷺ: «اقتلوا عبد الله ولو كان معلَّقًا بأستار الكعبة» ـ وأراد سيدُنا عثمان أن يعفو عنه، فقد كان أخاه من الرضاعة، فجاء به حتى أوقفه على النبي ﷺ، فقال: يا رسول الله، بايع عبد الله. فرفع رأسه، فنظر إليه ثلاثًا، كل ذلك يأبى، فبايعه بعد ثلاث. ثم أقبل على أصحابه، فقال ﷺ: «أما كان فيكم رجل رشيد يقوم إلى هذا حيث رآني كففت يدي عن بيعته، فيقتله؟» فقالوا: ما ندري يا رسول الله ما في نفسك، ألا أومأت إلينا بعينك؟ فقال ﷺ: «إنه لا ينبغي لنبيٍّ أن تكون له خائنة الأعين»[سنن أبي داود].
ونوه انه لم يقل لسانُه كذبًا، ولم يكن فعلُه كذبًا، بل إن طرفةَ العين منه لم تكذب ولم تخن. فصلوات الله وسلامه عليك يا سيدي يا رسول الله؛ كم تجرعتَ من جرعة غيظ، وكم كتمتَ في صدرك من حزن، وكم حملتَ على ظهرك من همِّ الناس.