“مطار القاهرة ” .. جملة من كلمتين، إذا وضعت على رأس عنوان صحفي أو بانر إعلامي منشور بين شبكات الفضاء الإلكتروني - السوشيال ميديا - جذبت الانتباه بشكل بديهي، ربما تأخذ هاتان الكلمتان ثقلهما مما تعبران عنه أو تحملانه وراء هذا الاسم، إنه ميناء القاهرة الجوي “بوابة مصر الأولى”.
ربما اعتادت السوشيال ميديا على نمط السيل الجارف بشكل يومي من التريندات، فلم يعد يفرغ ذهن المتابع من تريند حتى يلحقه آخر، هكذا باتت ساحة الفضاء الإلكتروني، “مكلمة” يومية للمزايدة والحكي، فمن يُكيل لهم اليوم بأكثر من خبر، بالأمس كانت الهجمة على تصريحات الوزير حول حمامات المطار التي رفعت حينها إلى عنان التريند، واليوم مع راكب صيني يزعم أن شرطي من رجال التأمين يزايد عليه بطلب أموال وهو ما أثبتت كذبه الكاميرات، يتبعه انتقادٌ أخر بعد ساعات حول شكل وتنظيم صالات المطار.
عزيزي القارئ، الذي لم يحالفك الحظ إلى الذهب لمطار القاهرة حتى الآن ولو لمرة للسفر، وإن حالفك الحظ وتواجدت أمام الصالة لوادع أحدهم أو استقباله، ستشعر بما أسرده إليك الآن، من حركة مكوكية داخل منطقة حرم هذا المطار، والذي تبدأ مع نهاية طريق صلاح سالم، ومدخل كمين تأمين المركبات الوافدة إلى المطار.
إذا أخبرتك اليوم، أن مطار القاهرة يستقبل بشكل يومي حوالي 90 ألف راكب! نعم قرابة 100 ألف راكب يمرون عبر مطار القاهرة بشكل يومي، رحلة كل منهما داخل المطار تقدر ما بين ساعتين إلى ثلاث ساعات، خلالها تُقدم إليهم خدمات من مختلف الجهات كافة التي تمثل مؤسسات الدولة بداية من بوابة التفتيش حتى ختم الجوزات، مائة ألف راكب بينهم السائح والباحث والعالم والمغني المشهور ورجل الأعمال والعامل والمواطن البسيط، - الذي ربما يكون لزيارة خارجية لأسرته أو لأداء فريضة عمرة أو حج -.. إذًا مختلف الطبقات والثقافات والفئات تمر، ويتعامل رجال مطار القاهرة الدولي من مدنيين ورجال التأمين بمرونة وتسهيل دون تفضيل، هدفهم الأول هو تسهيل سفر الضيف أو الراكب بأمان.
يُرجم مطار القاهرة بالجمرات، إذا شددت جهاته الأمنية التأمين على الركاب، وإذا تساهلت لن ترحمه التشكييات الدولية في الإجراءات، ويُرجم مطار القاهرة إذا طور الحمامات.. أما إذا تركها، سيُقال في عماله ومسئوليه أسوأ الكلمات، ويُرجم مطار القاهرة إذا قدر راكب يدفع إضافيًا مقابل الخدمات، ويرجم أيضًا إذا لم يطور من هذه الخدمات!!
عزيزي القارئ، ثلاث سنوات أو أكثر مرت على انتهاء جائحة كورونا، ومازالت مطارات العالم أجمع تُعالج تفاوت فجوة هذه السنوات، انقطع السفر لأشهر وغابت رحلات الطيران، لتعود بعد التعافي بقوة تفوق سعة طاقات صالات الركاب، كم مرة سمعت خلال هذا العام، أنه سقطت شبكات الإتصال في مطارات أوروبا وتوقفت جميع الرحلات!! كان أخرها قبل يومين.
التقارير الدولية المعنية بصناعة الطيران العالمي، أبرزها الاتحاد الدولي للنقل الجوي “إياتا”، كان قد ذكر أن حركة الركاب العالمية زادت في العام الأخير إلى نحو 4% عن ما قبل جائحة كورونا، وأن الطلب على السفر على الطيران زاد بمعدل أكثر من 10%، هذا ما تعانيه كل مطارات العالم، ومصر ليست بمعزل عن العالم، تحديدًا في الطيران، سماء واحدة تحلق فيها الطائرات، ناهيك عن ذلك تنتظر الناقلات الوطنية العالمية بينهم أيضا مصر للطيران صفقات التسليم من المصنعين لطلبيتها الجديدة من الطائرات بالعشرات، فالزخم العالمي جعل الناقلات الجوية تتسابق، حول من الذي يقتنص صفقته أولا في ظل ظروف دولية حرجة تعوق تقدم انتهاء هذا التسليم للصفقات في أعتى الدول العظمى، حتى وصلت قائمة انتظار طلبات الطائرات إلى 17 ألف طائرة! تقول الدول المصنعة أن هذه الصفقات ربما تحتاج إلى 14 عامًا لانتهاء تسليمها! نعم 14 عاما حتى تصل كافة طلبيات الطائرات ونحن ننتظر إصلاح المطار غدًا مع حلول شمس الصباح!.
منذ أكثر عامين، تحديدًا في أعقاب جائحة كورونا بدأ مطار القاهرة يأخذ خطواته الأولى نحو إعادة تأهيل لاستيعاب هذه الزيادة الهائلة في حركة الركاب، فوضع له خطة تدريجية تنفذ على مراحل بما لا يخل بجدول زمن تشغيل الرحلات.. كوني صحفية محررة بالمطار، شهدت خطط التغيير باستمرار، منذ شكاوى الركاب من عمال الليموزين والسيارات، والتي انتهت اليوم، وتم استبدالها بتطبيقات ذكية داخل صالات الوصول تستطيع أن تحجز رحلتك أينما تشاء، وصولا إلى إطلاق (Fast Track)، لكي تتغلب على الزحام، يقابلها أيضا عربات الجولف الموجودة بكافة الصالات، وغيرها من الخدمات مثل تخصيص مناطق الأسر والأطفال، وإنشاء فندق تستريح فيه داخل المطار لجدولة الأعمال إذا طال وقت الترانزيت أو الانتظار، وغيرها الكثير من الخدمات..
امنحوا المطارات المصرية عامة ومطار الدولة الرئيسي “مطار القاهرة” بصفة خاصة الأكثر استقبالا للركاب بما يقارب 3 ملايين خلال الشهر الواحد “فرصة”.. امنحوه فرصة ينتفس وينهي جدولة التطويرات، وهي في الحقيقة لن تنتهي فالطيران صناعة متجددة باستمرار، إذا أدخلت اليوم تطبيقًا يلحق به أخر في الغد، هكذا هي صناعة الطيران.. لذا إذا واجهك سلوك من خطأ فردي، فهذه ليست سمة المكان!