أكد الدكتور عمرو الورداني، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، أن الشريعة الإسلامية لم تجز بأي حال من الأحوال قطع صلة الرحم، مشددًا على أن الأصل هو الاستمرار في الصلة والمحافظة عليها، حتى وإن وجدت صعوبات أو مشكلات مع الأقارب.
وأوضح الورداني، في لقاء إعلامي، أن هناك فرقًا بين قطع الرحم المحرم شرعًا وبين دفع الضرر الناتج عن هذه الصلة، فالإسلام أمر بالمحافظة على الأرحام وحث على برهم، لكنه أيضًا راعى مصلحة الإنسان النفسية والمعنوية، ولذلك إذا ترتب على صلة الرحم أذى شديد – سواء كان أذى نفسيًا أو معنويًا – فإنه يجب دفع الضرر بالقدر الذي يحمي النفس والكرامة، دون أن يصل الأمر إلى القطيعة الكاملة.
وبيّن أن الأذى النفسي أصبح اليوم معتبرًا في أحكام الشريعة، لأنه قد يترك أثرًا سلبيًا على الإنسان لا يقل خطورة عن الأذى المادي، فإذا تسبب القريب في إساءة متكررة أو جرح معنوي، جاز تجنب بعض المواقف أو تقليل الاحتكاك به، لكن مع ذلك يبقى أصل الصلة قائمًا، من خلال أشكال التواصل المختلفة مثل المكالمات الهاتفية أو وسائل التواصل الاجتماعي أو السؤال في المناسبات، تحقيقًا لواجب الرحم مع الحفاظ على النفس من الضرر.
وأضاف أمين الفتوى أن الشريعة قائمة على التوازن بين حفظ الحقوق ودرء المفاسد، لذا فإن المسلم مأمور بعدم القطيعة، وإنما بالتعامل بحكمة مع المواقف المؤذية، بحيث يدفع الضرر بالحد الأدنى الممكن مع بقاء أصل الصلة.
وأكد الورداني على أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها"، مبينًا أن الهدف الأسمى من تعاليم الإسلام في هذا الباب هو تحقيق الرحمة، ودفع الأذى، والمحافظة على الروابط الأسرية دون قطعها.