قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
عاجل
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

د.هبة عيد تكتب: العنف الصامت.. كيف يدمر الزوج النرجسي حياة زوجته وأولاده؟

د.هبة عيد
د.هبة عيد

العنف الزوجي ليس مجرد خلافات عابرة بين شريكين، بل هو جرح غائر في روح المرأة يمس كرامتها وإنسانيتها. حين تتحول العلاقة التي من المفترض أن تكون مأمنًا وسندًا إلى ساحة صراع، تصبح المرأة في مواجهة مع أقسى أشكال الألم المتمثل في  العنف الجسدي أو النفسي أو العاطفي.

الزوج النرجسي غالبًا ما يكون هو البطل الخفي في هذه المأساة. شخصيته لا تحتمل فكرة المساواة، ولا تستوعب أن للمرأة نجاحًا قد يوازيه أو يتجاوزه. يعيش أسيرًا لعقدة النقص، يرى في تفوق شريكته تهديدًا لسلطته ورجولته الهشة. فيلجأ إلى أسلحته المعتادة من  التقليل من شأنها والإهانة، والسيطرة، وأحيانًا العنف المباشر، كمحاولة منه  لإعادة التوازن المختل داخل نفسه لا داخل العلاقة.

المرأة الناجحة في بيت يضم زوجًا مريضًا بعقدة النقص تدفع الثمن مضاعفًا. فنجاحها يصبح نقمة في عينه، لا مصدر فخر أو سعادة. قد يُسقط عليها فشله، ويجعلها مرمى اتهاماته وسخريته، أو يحاصرها بالغيرة والشكوك والانتقاص المستمر. وهنا يتجلى العنف النفسي في أقبح صوره، لأنه يدمر الروح قبل أن يمس الجسد.

غير أن الأمر لا يتوقف عند حدود العلاقة الزوجية، فالأولاد يكبرون في بيئة ملوثة بالخوف والشكوك. الطفل الذي يرى أباه يهين أمه يتعلم أن الحب يقترن بالإيذاء، وأن القوة تعني السيطرة والعدوان، وقد يحمل هذه السلوكيات معه في حياته المستقبلية. والطفلة التي تكبر على صوت صراخ أبيها ودموع أمها، قد تنشأ وهي تعتبر الإهانة أمرًا عاديًا في الزواج، أو تجد نفسها عاجزة عن بناء ثقة بنفسها لأنها لم تتعلم قيمتها من والدها. الأسرة التي يحكمها رجل نرجسي لا تربي أولادًا أسوياء، بل تزرع في داخلهم بذور الألم، وتجعلهم يتأرجحون بين الخوف من أبيهم والشفقة على أمهم.

العلاج يبدأ حين يعترف الرجل أن غيرته المفرطة ليست حبًا ولا رجولة، بل مرض يحتاج إلى مواجهة. حين يتوقف عن إسقاط مشكلاته على زوجته ويقرر أن يصالح ذاته أولًا، يمكن أن تتغير ملامح العلاقة. العلاج النفسي والإرشاد الأسري يصبحان ضرورة لإنقاذه من عقدة النقص، ولحماية أولاده من أن يرثوا أزماته. نجاح الزوجة يجب أن يُرى كقيمة مضافة للأسرة، لا كتهديد، وبهذا فقط يتعلم الأبناء أن الفرح بإنجاز الآخر هو دليل صحة وحب، وليس سببا للصراع والغيرة.

لكن إن ظل الرجل غارقًا في إنكاره وعنفه، فإن الخطر يمتد إلى أولاده قبل أن يمس زوجته. وحينها تكون حماية الأطفال هي أولوية لا تقبل التفاوض، فالمجتمع لا يحتاج إلى جيل جديد يحمل جراحًا نفسية سببها أب لم يتعلم كيف يحب بسلام.

إن نجاح المرأة ليس تهديدًا للرجل السوي، بل مصدر قوة للأسرة كلها. أما الزوج الذي تحكمه عقدة النقص، فلا يحتاج إلى شريكة تُطفئ أزماته بصمتها، بل إلى مواجهة صادقة مع نفسه، وإلى علاج يحرره من سطوة أنانيته. وحتى يحدث ذلك، تبقى الأولوية أن تدرك المرأة أن إنسانيتها وأمان أولادها أغلى من أي علاقة لا تمنحهم طمأنينة ولا احترامًا.