قال الدكتور علي جمعة، مفتى الجمهورية السابق، وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إن الحياء من خصائص الإنسان وغريزة فيه، وإن كان استعماله على وفق الشرع يحتاج إلى اكتساب وعلم ونية، فإنه يردع عن ارتكاب كل ما يشتهيه.
حياء الرسول
وأشار إلى أن القرطبي قال في "المفهم شرح مسلم": وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد جمع له النوعان من الحياء؛ المكتسب والغريزي.. وكان في الغريزي أشدَّ حياءً من العذراء في خدرها، وكان في المكتسب في الذروة العليا صلى الله عليه وسلم.
الحياء المطلوب من المسلم
وأشار إلى أن الحياء بمعناه الشرعي مطلوب من المسلم باتفاق، أمّا بمعناه العام، أو معناه اللغوي والعرفي فتجري فيه جميع الأحكام التكليفية: فإن كان المستحيا منه محرَّمًا، فالحياء منه واجب، وإن كان الحياء منه مكروهًا فهو مندوب، وإن كان المستحيا منه واجبًا فالحياء منه حرام، وإن كان من مباح فهو عرفي أو جائز، فالحياء من تعلّم أمور الدين وما يجب على الإنسان العلم به ليس بحياء شرعي.
وقد أمر الله سبحانه وتعالى به، ووصف به ابنةَ نبيِّ الله شعيب، وهي تمشي متخلِّقة بهذا الخلق العظيم في طريقها إلى سيدنا موسى عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام، فقال سبحانه: {فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ } [القصص: 25].
وقد حثّ النبي صلى الله عليه وسلم على الحياء، ورغّب فيه، وحفّز المؤمنين على التخلّق به، وأعلمهم أن هذه الصفة من صفات الله سبحانه وتعالى على ما يليق به جل وعلا. فقد روى سلمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: { إن الله حيي كريم يستحيي إذا رفع الرجل إليه يديه أن يردّهما صِفرًا خائبتين }. [رواه الترمذي]
وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أن الحياء من أبرز صفاته. فعن أبي سعيد الخدري: { كان النبي صلى الله عليه وسلم أشدَّ حياءً من العذراء في خدرها، فإذا رأى شيئًا يكرهه عرفناه في وجهه }. [متفق عليه]
وقال صلى الله عليه وسلم: { إن لكل دين خلقًا، وخُلُق الإسلام الحياء }. [رواه ابن ماجه والطبراني في الكبير]
وقال صلى الله عليه وسلم: { الحياء من الإيمان، والإيمان في الجنة، والبذاءة من الجفاء، والجفاء في النار }. [صحيح ابن حبان].