في الذكرى الـ52 لانتصارات أكتوبر، تتجلى حكايات البطولة التي سطرها أبناء مصر، من القوات المسلحة وأبنائها من البدو الذين كان لهم دور حاسم قبل وأثناء وبعد حرب أكتوبر المجيدة. وفي هذا الإطار، يبرز الدور البطولي للمرأة السيناوية، مؤكدة أن الوطنية تجري في دماء المصريين جميعًا.
نستعرض هنا قصة المجاهدة عزيزة جمعة عواد، ابنة قبيلة القرارشة بمدينة طور سيناء، التي تبلغ من العمر 70 عامًا.
ضربت عزيزة أروع الأمثلة في البسالة والشجاعة، مؤكدة أن المرأة المصرية مستعدة للتضحية من أجل الوطن في كل العصور.
نشأة في كنف أسرة فدائية
تقول المجاهدة عزيزة جمعة: "مرت مصر بفترة عصيبة خلال احتلال سيناء، استوجبت تكاتف الجميع لعودة كل حبة رمل إلى السيادة المصرية".
وأكدت أن بدو سيناء كانوا سندًا للقوات المسلحة خلال الإعداد للحرب وأثناء المعركة، وما زالوا على العهد لحماية الحدود الشرقية.
وأضافت أن السيدة البدوية كان لها دور هام في معركة النصر، مشيرة إلى أنها ترعرت في أسرة مجاهدة سقط منها شهداء وأسر بعضهم؛ فالأب كان مجاهدًا وصديقًا للرئيس الراحل عبد الناصر، وعمها وإخوتها كانوا فدائيين، مما جعلها تتعلم الوطنية منذ صغرها ولم تتردد لحظة في خوض المعركة الحاسمة.
المهمة الأولى: رسالة في مواجهة التفتيش
لم تكن عزيزة تتجاوز الخامسة عشرة من عمرها عندما طلب منها ابن عمها توصيل رسالة للقوات المسلحة. فرحت كثيرًا لكونها ستسير على درب أسرتها المجاهدة، واقتحمت عالم المخاطرة دون تردد.
وأثناء قيامها بتوصيل الرسالة، فوجئت بوجود لجنة تفتيش للعدو. ورغم صغر سنها، لم يسيطر عليها الخوف، ولم تخشَ بطش الجنود الإسرائيليين. فكرت عزيزة سريعًا وأخفت الرسالة في فمها، مستغلة عادة البدو، التي يعرفها العدو جيدًا، وهي عدم تحدث السيدات مع الغرباء.
وبذلك، نجحت في أول مهمة لها في طريق الكفاح الوطني.
صعاب الكفاح.. من البحر إلى سجون العدو كانت هذه التجربة دافعًا قويًا لعزيزة لتصبح إحدى المجاهدات.
واستمرت في توصيل الرسائل بين المجاهدين البدو والقوات المسلحة. رغم الصعوبات، لم تتراجع؛ تروي عزيزة أنها خلال نقل إحدى الرسائل اضطرت للسير في البحر عبر قارب، فأصابها الدوار وسقطت وكادت أن تغرق، لكنها أصرت على إيصال الرسالة في موعدها رغم شدة الإعياء.
وتؤكد عزيزة أن الجهاد لم يكن حكرًا على الرجال؛ فقد شاركت فيه نساء سيناء، مثل أختها "جليلة" وبنات عمومتها. كان السيدات هن الساتر الأمين للوصول إليها الهدف النبيل: تحرير سيناء.
وعن والدها، الشيخ جمعة عواد، قالت عزيزة إنه كان مجاهدًا شجاعًا فتح بيته للمجاهدين والجنود، ولعب دورًا هامًا في نقل الجنود التائهين بعد نكسة 1967، ومد القوات المسلحة بالمعلومات.
كما غرس الوطنية في أبنائه وشجعهم على القيام بدورهم.
وتوضح أن والدها شجع أخاها على المساهمة في زرع لغم دمّر أتوبيسًا وسيارة خاصة بالعدو. ورغم تعقب العدو له والقبض عليه وسحله أمام أعينهم وأسره في سجون الخليل، لم تهتز عقيدتهم الوطنية.
بل حرصت عزيزة خلال زيارتها لأخيها على نقل معلومات عن المواقع التي تراها للقوات المسلحة، مؤكدة أن كل بيت في سيناء ولد فيه مجاهد ضحى في سبيل عودة سيناء لمصر.
تكريم مستحق:
جدير بالذكر أن الدكتور خالد مبارك، محافظ جنوب سيناء، حرص على تكريم المجاهدة عزيزة جمعة عواد خلال الاحتفالية التي نظمتها المحافظة احتفالًا بانتصارات أكتوبر، لتكريم أسر الشهداء والمجاهدين.