أوضحت دار الإفتاء المصرية في فتوى رسمية موقفها الشرعي من ما يُعرف باسم "زواج النفحة"، مؤكدة أن هذا النوع من العقود حرام شرعًا وباطل ابتداءً، لما يتضمنه من مخالفات صريحة لمقاصد الشريعة الإسلامية وأحكام الزواج الصحيح، مشيرة إلى أن إطلاق الناس عليه اسمًا جديدًا لا يغيّر من حقيقته ولا من حكمه الشرعي.
وبيّنت دار الإفتاء أن ما يسمى بزواج النفحة يعتمد على اتفاقٍ بين شاب وفتاة يتضمن دفع مقدم ومؤخر صداق، مع السماح بالطلاق في أي وقت، والاعتراف بالأبناء في حال حدوث حمل، ويُبرم هذا العقد عادة دون وجود ولي، ودون توثيق رسمي أو إعلان، وهو ما يجعل العقد فاقدًا لأركانه الأساسية التي حددها الشرع، ويُخرج العلاقة من إطار الزواج الصحيح إلى علاقة محرّمة شرعًا.
وأكدت الإفتاء أن غياب الوليّ، وعدم التوثيق، وإخفاء الزواج عن الناس، وترك نسب الأولاد لاختيار الأب، كلها أمور تضرب في صميم مقاصد الزواج الشرعي الذي شرعه الله لتحقيق المودة والرحمة والسكن، وحفظ الأنساب والحقوق، ومنع الفساد والريبة، مشددة على أن مثل هذه العقود تُعد تحايلاً على أحكام الله، وتفتح أبواب الفساد والضياع.
وفي بيانها، أوضحت الدار أن الإسلام حين أمر بالزواج ورغّب فيه، راعى الفطرة الإنسانية، فلم يمنع الغرائز، بل نظمها بما يحقق الكرامة والاستقرار، واستشهدت بحديث النبي ﷺ: «يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ، مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ، فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ».
وأضافت أن عقد الزواج في الإسلام محاط بسياج من الشروط والأركان لضمان استمراره وتحقيق مقاصده، وليس مجرد وسيلة لإشباع الرغبة أو التهرب من المسؤولية.
فالشريعة فرّقت بوضوح بين الزواج الصحيح الذي يقوم على الإعلان، والرضا، والتوثيق، ووجود الوليّ، وبين العلاقات غير الشرعية التي تُبرم في الخفاء.
وشددت دار الإفتاء على أن "زواج النفحة" يخالف مقاصد الشريعة الإسلامية ويُعتبر باطلًا حتى وإن زعِم أنه "زواج شرعي"، لأن ما بُني على باطل فهو باطل، مؤكدة أنه لا يجوز الإقدام عليه تحت أي مبرر، وأن من أراد الزواج فعليه الالتزام بالإجراءات الشرعية والقانونية التي تحفظ الحقوق وتصون الكرامة.