لعل من يهتمون بمعرفة حقيقة هل الخوف من الموت من الشيطان ؟، ليسوا بالعدد القليل، خاصة وأنه لا مفر لأحد من الموت فجميعنا ميت ولو طال العمر، إلا أن هناك البعض يأتي الموت مخاوفهم المهلكة، وقد يصل إلى الحد الذي يصعب به العيش، لذا ينبغي معرفة هل الخوف من الموت من الشيطان ؟ حيث يمكن التعامل معه لو كان أحد الوساوس الشيطانية.
هل الخوف من الموت من الشيطان
قال الشيخ أحمد وسام، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، إن الوسواس الخناس يوسوس ويهرب بمجرد الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم، منوهًا بأنه بقول " أعوذ بالله من الشيطان الرجيم" تنتهى الوسوسة تماما.
وأوضح " وسام" في إجابته عن سؤال: ( هل الخوف من الموت من الشيطان ؟، حيث هناك من دائما تشعر بالقلق والتوتر، واقتراب الموت، نتيجة ما يحدث حولها، وهى تستعيذ كثيرا بالله من الشيطان الرجيم، فكيف تتخلص من هذا الشعور من الجانب الديني؟)، أنه ينبغي الانتباه من أمر مهم وهو إنها مهما استعاذت بالله من الشيطان الرجيم كثيرا ولا تزال هذه المشكلة موجودة والخوف من الموت مازال يقبض القلب.
ونبه إلى أن في هذه الحالة تكون الوسوسة من النفس، وليست من الشيطان، حيث إن الوسواس الخناس يوسوس ويهرب بمجرد الاستعاذة بالله، تنتهى الوسوسة تماما، فبالتالي المشكلة هنا الوسوسة من النفس.
وأضاف أن حينئذ الوسوسة من النفس، وربنا سبحانه وتعالى حل لنا هذه المشكلة في آية من القرآن الكريم، وهى (أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ)، وقال لنا بشأن الصلاة رغم كبر عظمها في الإسلام (وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ)، ولذلك عليها أن تداوم على الذكر والصلاة وكذلك الصلاة على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.
المؤمن والخوف من الموت
يجب على المؤمن والمؤمنة أن يخافا الله سبحانه ويرجواه؛ لأن الله سبحانه قال في كتابه العظيم: فَلا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ [آل عمران: 175] وقال تعالى : فَلا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ [المائدة: 44].
وقال سبحانه: وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ [البقرة: 40]، وقال تعالى : إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَةَ اللَّهِ [البقرة: 218]، وقال تعالى: فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا [الكهف: 110] في آيات كثيرة.
ولا يجوز للمؤمن ولا للمؤمنة اليأس من رحمة الله، ولا الأمن من مكره، قال الله سبحانه: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ [الزمر: 53]، وقال تعالى: وَلا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ [يوسف: 87] وقال عز وجل: أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ [الأعراف: 99].
ويجب على جميع المسلمين الإعداد للموت والحذر من الغفلة عنه، للآيات السابقات، ولما روي عنه -صلى الله علبيه وسلم- أنه قال: أكثروا من ذكر هادم اللذات -الموت- ولأن الغفلة عنه وعدم الإعداد له من أسباب سوء الخاتمة.
حكم الخوف من الموت
وقد ثبت عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: قال رسول الله -صلى الله علبيه وسلم-: من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه، ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه فقلت: يا نبي الله: أكراهية الموت فكلنا نكره الموت، قال: ليس كذلك؛ ولكن المؤمن إذا بشر برحمة الله ورضوانه وجنته، أحب لقاء الله فأحب الله لقاءه، وإن الكافر إذا بشر بعذاب الله وسخطه كره لقاء الله فكره الله لقاءه متفق عليه.
ويدل هذا الحديث على أن كراهة الموت والخوف منه لا حرج فيه، ولا يدل ذلك على عدم الرغبة في لقاء الله، لأن المؤمن حين يكره الموت أو يخاف قدومه يرغب في المزيد من طاعة الله والإعداد للقائه، وهكذا المؤمنة حين تخاف من الموت وتكره قدومه إليها إنما تفعل ذلك رجاء المزيد من الطاعات والاستعداد للقاء ربها.
ولا حرج على المسلم أن يخاف من المؤذيات طبعًا كالسباع والحيات ونحو ذلك فيتحرز منها بالأسباب الواقية، كما أنه لا حرج على المسلمين في الخوف من عدوهم حتى يعدوا له العدة الشرعية.
كما قال الله سبحانه: وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ [الأنفال: 60] - أي الأعداء - مع الاعتماد على الله والاتكال عليه والإيمان بأن النصر من عنده، وإنما يأخذ المؤمن بالأسباب ويعدها؛ لأن الله سبحانه أمره بها لا من أجل الاعتماد عليها.
كما قال الله سبحانه: إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ * وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلا بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إِلا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ [الأنفال: 9 - 10].
وورد أن الخوف الذي نهى الله عنه، هو الخوف من المخلوق على وجه يحمل صاحبه على ترك الواجب أو فعل المعصية، وفي ذلك نزل قوله سبحانه: فَلا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ [آل عمران: 175]، وهكذا الخوف من غير الله على وجه العبادة لغيره، واعتقاد أنه يعلم الغيب أو يتصرف في الكون أو يضر وينفع بغير مشيئة الله كما يفعل المشركون مع آلهتهم.