يثير الحديث عن الأحكام الشرعية المرتبطة ببعض الأطعمة جدلًا كبيرًا بين الناس، خاصة عندما يتعلق الأمر بأمور لم تُذكر صراحة في القرآن الكريم.
من بين هذه المسائل، مسألة تناول لحم الحمير، التي تتكرر في الأوساط الشعبية والإعلامية من حين لآخر. وبين من يعتقد أنه لا دليل على تحريمه، ومن يستند إلى السنة النبوية، تتضح أهمية الرجوع إلى علماء الشريعة لفهم المسألة على وجهها الصحيح.
وفي لقاء إعلامي حديث، أوضح الدكتور محمد حمودة، من علماء الأزهر الشريف، الرأي الشرعي في هذه المسألة، بالإضافة إلى تعليقه على عدد من المواضيع المرتبطة بـ الحدود، والتوبة، والإصرار على الذنب.
لحم الحمير لم يُحرم في القرآن.. فهل هو حلال؟
أكد الدكتور محمد حمودة أن تحريم أكل لحم الحمير الأهلية لم يرد في نص قرآني صريح، لكنه ورد في السنة النبوية المطهرة، حيث ثبت في الأحاديث الصحيحة أن النبي ﷺ نهى عن أكل لحوم الحمر الأهلية يوم خيبر، وقال إنها نجسة أو لا تؤكل.
وأضاف الدكتور حمودة، في حواره ببرنامج "علامة استفهام" مع الإعلامي مصعب العباسي، أن من يُنكر السنة النبوية لا يُمكنه الاستناد إلى القرآن وحده فقط، قائلاً:"من ينكر السنة جملةً وتفصيلاً، فليأتِ وأحضِر له حمارًا ليأكله!".
وأشار إلى أن هذا تحذير واضح من التلاعب بالأحكام الشرعية، فالسنة مكملة للقرآن، ولا يمكن الفصل بينهما عند استخلاص الأحكام.
هل يوجد حد لشارب الخمر في القرآن؟
تطرق الدكتور حمودة إلى قضية عقوبة شارب الخمر، مؤكدًا أن القرآن الكريم لم يذكر حدًا صريحًا لهذه المعصية، لكنه ورد في السنة النبوية أن النبي ﷺ عاقب شارب الخمر بالضرب أربعين جلدة، ثم زاد عمر بن الخطاب ذلك إلى ثمانين جلدة في خلافته، لا على سبيل الحد الثابت، بل كـ تعزير وهذا يوضح أن الحدود في الإسلام منها ما هو منصوص عليه في القرآن، ومنها ما ورد في السنة أو بالتطبيق العملي للخلفاء الراشدين.
أفضل وقت للتوبة.. ماذا قال العلماء؟
تحدث مجمع البحوث الإسلامية عن أفضل وقت للتوبة، مستشهدًا بقول العالم ابن رجب الحنبلي:"أفضل وقت للتوبة أن يبادر الإنسان بها في صحته، قبل أن يُصاب بالمرض أو الكِبر، حتى يكون قادرًا على العمل الصالح بعدها".
هذا يُبرز أهمية المسارعة إلى التوبة، وعدم تأجيلها بحجة أن هناك وقتًا لاحقًا، فالحياة لا تضمن لأحد البقاء أو القدرة على التغيير لاحقًا.
أكرر الذنب ثم أتوب.. فهل تُقبل توبتي؟
سؤال متكرر طرحه كثيرون: "أفعل الذنب وأتوب، ثم أعود إليه.. فهل تقبل توبتي؟".
في إجابة مهمة، أوضح الشيخ محمد وسام، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، أن رحمة الله واسعة، وأن الله لا يمل حتى يملّ العبد. لذلك، فحتى إن تكررت المعصية، فعلى العبد أن يستمر في التوبة والرجوع إلى الله، لأن:"التائب من الذنب كمن لا ذنب له".
واستدل بقوله تعالى:"وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ"
(العنكبوت: 69)
ونصح الشيخ من يقترف المعصية أن يكثر من التوبة، والصدقة، والاستغفار، والصلاة على النبي ﷺ، لأن هذه الأعمال تطفئ غضب الله وتعين الإنسان على الإقلاع عن الذنب.