أعلنت السلطات في مدغشقر اليوم الجمعة رسميا، تولي العقيد ميكايل راندريانيرينا، قائد وحدة النخبة العسكرية "كابسات"، رئاسة البلاد، عقب أيام من سيطرة قواته على الحكم إثر احتجاجات واسعة أرغمت الرئيس أندري راجولينا على مغادرة البلاد.
وجرت مراسم أداء اليمين الدستورية في مقر المحكمة الدستورية العليا بالعاصمة أنتاناناريفو، بعد أن صوّت البرلمان على عزل راجولينا، لتدعو المحكمة بعدها راندريانيرينا إلى "ممارسة مهام رئيس الدولة".
العقيد البالغ من العمر 51 عامًا، والذي كان قبل عامين فقط موقوفًا بتهمة التخطيط لانقلاب، وجد نفسه اليوم في قمة السلطة دون المرور عبر صناديق الاقتراع. وبرّر قراره قائلاً إن تنصيبه جاء بموجب قرار قانوني، معتبرًا أن ما حدث ليس انقلابًا بل "نقل مشروع للسلطة".
وأضاف في مؤتمر صحفي:
"لم نستولِ على الحكم، بل مُنحنا السلطة من المؤسسات الشرعية... نحن نعيد تأسيس جمهورية مدغشقر".
بدأت الاحتجاجات الشعبية في 25 سبتمبر الماضي بسبب انقطاع المياه والكهرباء، قبل أن تتحول إلى مطالبات بإسقاط الرئيس.
وأسفرت المظاهرات، وفق الأمم المتحدة، عن مقتل 22 شخصًا وإصابة نحو مئة آخرين.
وفي خضم الأزمة، انضم جنود من وحدة "كابسات" بقيادة راندريانيرينا إلى المحتجين، قبل أن يعلن يوم الثلاثاء الماضي تولي السلطة رسميًا.
وأوضح في تصريحات للصحافة أن ما حدث "ليس انقلابًا، لأن الدم لم يُسفك ولم تقتحم القوات القصر الرئاسي بالقوة".
قوبلت التطورات في مدغشقر بانتقادات دولية واسعة؛ إذ وصفت الأمم المتحدة ما جرى بأنه "تغيير غير دستوري للسلطة"، بينما أعلن الاتحاد الإفريقي تعليق عضوية البلاد على الفور.
أما فرنسا، الشريك التقليدي لمدغشقر، فدعت إلى إشراك المدنيين في المرحلة الانتقالية، وأكد وزير خارجيتها جان نويل بارو أن "العملية الانتقالية بدأت"، مشددًا على ضرورة "العودة إلى الشرعية الدستورية في أقرب وقت".
من جهته، أكدت مصادر مقربة من الرئيس المخلوع أن راجولينا غادر البلاد في 11 أو 12 أكتوبر بعد تلقيه "تهديدات خطيرة"، بينما ذكرت إذاعة فرنسا الدولية أنه تم إجلاؤه بطائرة عسكرية فرنسية.
ورغم مطالبة المحكمة الدستورية العليا بإجراء انتخابات خلال 60 يومًا، أبدى راندريانيرينا تشككه في إمكانية الالتزام بهذه المهلة، معلنًا أنه سيعمل على تنظيم انتخابات عامة خلال 18 إلى 24 شهرًا، بعد مرحلة "تشاورية لاختيار رئيس وزراء في أسرع وقت".
مدغشقر، الجزيرة الواقعة في المحيط الهندي، تعيش واحدة من أكثر فتراتها السياسية اضطرابًا منذ الاستقلال، إذ شهدت خلال العقود الماضية سلسلة من الانقلابات والتحولات العسكرية. وتبقى واحدة من أفقر دول العالم، حيث يعيش نحو 80% من سكانها البالغ عددهم 32 مليون نسمة على أقل من 2.80 يورو يوميًا، وفق بيانات البنك الدولي.