ألقى قداسة البابا تواضروس الثاني عظته الأسبوعية في اجتماع الأربعاء مساء اليوم من كنيسة الشهيد مار مينا الأثرية بفم الخليج في مصر القديمة.
وصلى قداسته صلوات العشية بمشاركة نيافة الأنبا يوليوس الأسقف العام لمصر القديمة وأسقفية الخدمات، وعدد من أحبار الكنيسة وعقب العشية رتل خورس الشمامسة وكورال الكنيسة عددًا من الألحان الكنسية وشجعهم قداسة البابا، ثم تحدث نيافة الأنبا يوليوس مُرًحبًا بقداسة البابا وعرض لتاريخ الكنيسة التي يرجع تاسيسها للقرن الخامس الميلادي، وتم تكريم الحاصلين على شهادات الدكتوراه والماچستير من أبناء الكنيسة.
أصحاحات متخصصة
واستكمل قداسة البابا سلسلة "أصحاحات متخصصة"، وتحدث اليوم عن موضوع "رحلة في السكون وصوت الله في الصلاة"، وقرأ جزءًا من الأصحاح الثالث من سفر صموئيل الأول والأعداد (١ - ١٠)، مشيرًا إلى صوت الله أثناء الصمت في الصلاة.
وشرح قداسته أن الصلاة تحتوي على أمر مهم جدًّا وهو حالة الصمت لكي يتكلم الله، مثلما يحدث في طريقة المرابعة (الأنتيفون) في التسبحة، فعندما يصمت أحد الفريقين إما أن ينتظر سماع صوت الله في قلبه، وإما يصلي في داخله "يا ربي يسوع المسيح ارحمني أنا الخاطئ".
وأوضح قداسة البابا رحلة السكون وصوت الله أثناء الصلاة، من خلال السبع محطات التالية:
١- الصمت المقدس هو شرط السماع، لأن الله يتحدث في الهدوء، فالهدوء الخارجي والداخلي هو طريق السماع الروحي، "لَمْ يَكُنِ الرَّبُّ فِي الرِّيحِ. وَبَعْدَ الرِّيحِ زَلْزَلَةٌ، وَلَمْ يَكُنِ الرَّبُّ فِي الزَّلْزَلَةِ. وَبَعْدَ الزَّلْزَلَةِ نَارٌ، وَلَمْ يَكُنِ الرَّبُّ فِي النَّارِ. وَبَعْدَ النَّارِ صَوْتٌ مُنْخَفِضٌ خَفِيفٌ" (١مل ١٩: ١١، ١٢).
٢- القلب النقي هو أذن الله، فالله اختار قلب طفل (صموئيل النبي) ولم يختر عقل شيخ (عالي الكاهن)، لأن قامة السماء هي قامة الطفل، وقال القديس يوحنا ذهبي الفم: "القلب النقي يصير مرآة يرى فيها الإنسان وجه الله، أما القلب المملوء شهوات فلا يقدر أن يُميّز حتى صوته".
٣- الله ينادي بصبر ومحبة، فمن حنو الله أنه يكرر النداء ولا ييأس من الإنسان، "هنَذَا وَاقِفٌ عَلَى الْبَابِ وَأَقْرَعُ" (رؤ ٣: ٢٠).
وأوصى قداسته: «تَكَلَّمْ لأَنَّ عَبْدَكَ سَامِعٌ» (١ صم ٣: ١٠)، أن نكرر هذه الآية باستمرار في حياتنا اليومية، لكي نسمع صوت الله في داخلنا.
٤- التمييز يحتاج مشورة روحية، ويتمثّل ذلك في دور عالي الكاهن (المشورة)، فالله يتكلم معنا من خلال المرشدين الروحيين، ومن النِعَم الموجودة في كنيستنا القبطية وجود أب اعتراف لكل أحد منا، "فَبَادَرَ إِلَيْهِ فِيلُبُّسُ، وَسَمِعَهُ يَقْرَأُ النَّبِيَّ إِشَعْيَاءَ، فَقَالَ: «أَلَعَلَّكَ تَفْهَمُ مَا أَنْتَ تَقْرَأُ؟» فَقَالَ: «كَيْفَ يُمْكِنُنِي إِنْ لَمْ يُرْشِدْنِي أَحَدٌ؟»" (أع ٨: ٣٠، ٣١).
٥- الطاعة هي مفتاح السماع، مثلما استجاب عمليًّا صموئيل النبي بعد أن أخذ المشورة، وهذا هو السمع الحقيقي، والقديس باسليوس الكبير قال: "مَنْ يسمع ولا يطيع كمَنْ يسمع لحنًا جميلًا ولا يتحرك قلبه، أما الطاعة فهي انسجام مع نغمة السماء".
٦- الله دائمًا يعلن صوته للأمناء، والله لا يبوح بأسراره إلا للذين يسمعونه بأمانة، لذلك عندما وجد قلبًا مطيعًا (قلب صموئيل) سلّمه رسالة، والقديس مكاريوس الكبير قال: "الله لا يعلن أسراره إلا للذين جعلوا آذان قلوبهم طاهرة، لأن الصوت الإلهي لا يدخل إلى قلب مزدحم".
٧- مَنْ يسمع صوت الله يتحوّل إلى رسالة للآخرين، ويعمل على نقل صوت الله للعالم، "ثُمَّ سَمِعْتُ صَوْتَ السَّيِّدِ قَائِلًا: «مَنْ أُرْسِلُ؟ وَمَنْ يَذْهَبُ مِنْ أَجْلِنَا؟» فَقُلْتُ: «هأَنَذَا أَرْسِلْنِي»" (إش ٦: ٨).








