قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
عاجل
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

أزهري: مصر حضارة ضمير وإيمان وإتقان تتجاوز الحجارة والتماثيل

د.  أحمد الرخ أستاذ الحضارة بجامعة الأزهر
د. أحمد الرخ أستاذ الحضارة بجامعة الأزهر

قال الدكتور أحمد الرخ، أستاذ الحضارة الإسلامية بجامعة الأزهر الشريف، إن مصر لم تُعرف يومًا بحضارة الحجارة أو الأصنام كما يظن البعض، بل تميزت بحضارة الضمير والإيمان والعمل والإتقان، تلك الحضارة التي تعكس جوهر الإنسان المصري منذ فجر التاريخ، وتعبر عن روحه القوية التي صنعت المجد بإخلاصه وإبداعه، فخلّد التاريخ أثره على مر العصور.

وخلال ظهوره في برنامج تلفزيوني ، أوضح الدكتور الرخ أن الحضارة المصرية القديمة ليست مجرد مظاهر مادية أو آثار صامتة، بل هي مرآة للضمير الحي والإيمان العميق الذي حمله المصري القديم في قلبه وهو يشيّد ويبني ويزرع ويبدع، مؤكدًا أن تلك الحضارة ما كانت لتبقى خالدة لولا أن جذورها نابعة من روح الإنسان المؤمن العامل المتقن.

وأشار إلى أن المصري القديم لم يكن يسعى لمجد شخصي أو سلطة زائلة، بل كان يعمل بإيمان وإخلاص ليترك أثرًا نافعًا للبشرية من بعده، مضيفًا أن أعظم ما يميز هذه الحضارة أنها تعلّم الأجيال كيف يكون العمل عبادة، وكيف يتحول الإتقان إلى رسالة، وكيف يظل الإنسان بعد رحيله حاضرًا بعلمه وجهده ونتائج عطائه.

وشدد الدكتور أحمد الرخ على أن الحضارة المصرية الحقيقية لا تُنسب إلى فرعون الذي تحدى نبي الله موسى عليه السلام، لأن الله سبحانه وتعالى قال في كتابه العزيز: "ودمرنا ما كان يصنع فرعون وقومه وما كانوا يعرشون". وبناءً على ذلك، فكل ما صنعه فرعون من قصور أو عمران قد زال بقدرة الله، أما الحضارة التي بقيت فهي حضارة الإيمان والعمل، حضارة الشعب المصري المؤمن المبدع، لا حضارة الطغيان والكفر.

ولفت إلى أن التاريخ الإسلامي والعلمي زاخر بشهادات العلماء الذين انبهروا بما في مصر من عظمة وإبداع، ومنهم الإمام يحيى بن معين، أحد كبار علماء الحديث والجرح والتعديل، الذي قال بعد زيارته لمصر: "رأيت بمصر ثلاث عجائب: النيل، والأهرام، وسعيد بن عفير"، في إشارة منه إلى عظمة العلم والإنسان المصري، وليس فقط إلى الآثار والمعالم المادية.

وبيّن الدكتور الرخ أن سعيد بن عفير كان من أبرز علماء الحديث في مصر، وقد روى عن الإمامين الليث بن سعد ومالك بن أنس، وذكره الإمام السيوطي في طبقات الحفاظ، كما أثنى عليه الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء واصفًا إياه بأنه أحد أعاجيب الزمان في العلم والإتقان، ما يدل على أن مصر لم تكن فقط أرض الملوك والفراعنة، بل أيضًا أرض العلماء والمفكرين والأئمة الذين حملوا مشعل العلم والإيمان.

وأكد الدكتور أحمد الرخ أن مصر ستظل منارةً للحضارة والعلم والإيمان، تجمع بين الأصالة التي تضرب بجذورها في أعماق التاريخ، والإبداع الذي لا ينقطع عبر الأزمنة، مشددًا على أن الحضارة المصرية ليست ماضٍ يُروى فحسب، بل هي حاضر نابض وقيمٌ خالدة تُضيء طريق الإنسانية كلها.