بعد افتتاح المتحف المصري الكبير، أحد أهم وأضخم المشاريع الثقافية في القرن الحادي والعشرين، بدأت تتوالى ردود الفعل العالمية التي تعكس حجم الإنجاز المصري. فالمتحف الذي جمع بين العراقة والتكنولوجيا الحديثة، لم يكن مجرد صرح أثري، بل رسالة حضارية أعادت رسم صورة مصر أمام العالم كقلبٍ نابضٍ للحضارة الإنسانية.
المتاحف العالمية تشعر بالذنب
قال الدكتور زاهي حواس، عالم الآثار ووزير الآثار الأسبق، إن المتاحف العالمية بدأت تدرك الآن أنها ارتكبت "جرائم ثقافية" في حق نفسها وحق الدول صاحبة الحضارات، بعدما شاهدت روعة المتحف المصري الكبير. وأضاف أن هذه المتاحف حين رأت صرحًا بهذه العظمة والدقة والاحترافية، بدأت تشعر بالخطأ الذي ارتكبته في الماضي بنقل القطع الأثرية من أوطانها الأصلية.
وأشار حواس إلى أن ما قامت به هولندا مؤخرًا من مبادرات لإعادة بعض القطع الأثرية المسروقة هو مثال يُضرب له "تعظيم سلام"، معتبرًا أن افتتاح المتحف المصري الكبير يمثل نقطة انطلاق حقيقية لبدء مرحلة جديدة من استعادة الآثار المصرية المنهوبة.
نفرتيتي وحجر رشيد في طريق العودة؟
وعن إمكانية استعادة رأس نفرتيتي وحجر رشيد، أوضح حواس أن هناك حاليًا وثيقتين منشورتين عبر الإنترنت، الأولى تطالب بإعادة رأس نفرتيتي من ألمانيا، والثانية لاستعادة حجر رشيد من المتحف البريطاني، وأن العمل جارٍ لجمع مليون توقيع على كل وثيقة تمهيدًا للتحرك الرسمي نحو استردادهما.
دعوة لتعديل القوانين الدولية
وأكد الدكتور حواس أن منظمة اليونسكو أقرت قانونًا يمنع استرداد أي قطعة أثرية خرجت من بلدها قبل عام 1970، معتبرًا أن هذا القانون "مجحف" بحق الدول المتضررة، وعلى رأسها مصر. ودعا إلى عقد مؤتمر دولي لإعادة النظر في هذه القوانين، وإقرار تشريعات جديدة تضمن عودة الحقوق التاريخية إلى أصحابها الشرعيين.
مصر تستعيد صوتها الحضاري
افتتاح المتحف المصري الكبير لم يكن مجرد حدث ثقافي، بل لحظة استيقاظ للضمير الإنساني، وجرس إنذار يدعو العالم إلى إعادة النظر في مفهوم العدالة التاريخية. فاليوم، مصر لا تطالب فقط بآثارها، بل تطالب بحقها في رواية تاريخها من جديد، على أرضها، وبأيدي أبنائها، وبحضورٍ يليق بحضارةٍ علمت العالم معنى الخلود.