أكد الدكتور هاني تمام، أستاذ الفقه بجامعة الأزهر الشريف، أن هناك فرقًا واضحًا بين التمثال الذي يُعبد من دون الله سبحانه وتعالى، وبين التمثال الذي يُعدّ شاهدًا على حضارة أمة وتاريخها وإنجازاتها، موضحًا أن الإسلام لا يحارب الحضارة ولا الجمال، بل يحارب الشرك والعبادة لغير الله فقط.
لماذا لم يهدم الصحابة الآثار حينما دخلوا مصر؟
وقال الدكتور هاني تمام، خلال تصريحات تلفزيونية، اليوم الإثنين، «النبي صلى الله عليه وسلم لما دخل مكة المكرمة كسر الأصنام لأنها كانت تُعبد من دون الله وفي بيت الله الحرام، أما الصحابة الكرام حينما دخلوا مصر ورأوا الأهرامات والتماثيل والحضارة العريقة أبقوا عليها، ولم يُنقل عن أحدٍ منهم أنه دعا إلى تكسيرها، لأنهم علموا أن المقصود منها لم يكن العبادة بل العظة والاعتبار».
وأضاف الدكتور هاني تمام «هل نحن اليوم أفهم لدين الله من الصحابة؟! هؤلاء الصحابة الكرام سكنوا مصر، وتعايشوا مع آثارها، بل احترموها ولم يروها شركًا، لأنها تمثل تراثًا إنسانيًا وتاريخًا عظيمًا يدل على عبقرية هذا الشعب وقوته منذ آلاف السنين».
وأشار أستاذ الفقه بالأزهر إلى أن من الأدلة القوية على هذا الفهم الراقي ما نراه في مسجد سيدي أبي الحجاج الأقصري، الذي يقع في قلب معبد فرعوني، حيث يُعدّ نموذجًا فريدًا لتداخل الحضارات، وصلى فيه الأولياء والعلماء عبر العصور، دون أن يُنكر أحد وجود تلك النقوش أو التماثيل، لأن الهدف منها لم يكن العبادة وإنما إبراز جمال العمارة وروعة الإبداع الإنساني.
وأوضح أستاذ الفقه بالأزهر أن القرآن الكريم نفسه أشار إلى مشروعية وجود التماثيل في غير موضع العبادة، مستشهدًا بقوله تعالى في شأن سيدنا سليمان عليه السلام: {يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِن مَّحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ} [سبأ: 13]، وهو دليل واضح على أن التماثيل إذا كانت للفن والعظة وإبراز المنجزات الحضارية، فلا حرج فيها شرعًا.
وأكد أستاذ الفقه بالأزهر أن الإسلام دين وعي وفهم، لا دين جهل وغلو، موضحًا: «مشكلتنا اليوم أن بعض الناس لديهم جرأة شديدة في إطلاق الأحكام، وفي التكفير والتبديع، وكأنهم يتدخلون في الشؤون الإلهية، مع أن الدين أوسع وأرحب من ذلك بكثير».
                        
                        
                    
                                        


