في ظل لجوء بعض المظلومين إلى القرآن والدعاء لاسترداد حقوقهم، يلجأ البعض لقراءة ما يُعرف باسم «عدية يس» بنية هلاك الظالم أو إيذائه، وهو أمر يثير تساؤلات كثيرة حول مشروعيته، ومدى توافقه مع أحكام الشريعة الإسلامية.
وفي هذا السياق، ورد سؤال إلى دار الإفتاء المصرية حول موقف الدين من قراءة «عدية يس» للإضرار بالآخرين، فأجاب الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء ومفتي الجمهورية الأسبق، موضحًا أن ما يسمى بـ«عدية يس» لا يجب تلاوتها بنية الإضرار بالناس، مؤكدًا أن سورة يس تُقرأ بنية جلب الشفاء، وتيسير الأمور، وهداية العباد، وفك الكروب.
وأضاف «جمعة» عبر فتوى نشرتها دار الإفتاء على موقعها، أن القرآن جاء رحمة وهداية، وأن الله أمر بالعفو والصفح، لقوله تعالى: «فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّىٰ يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ»، داعيًا إلى أن تُملأ القلوب بالحب والرحمة.
وأشار إلى أن «عدية يس» لا تُدرَّس في الأزهر الشريف، ولم يقرأها أحد من العلماء أمامه، موضحًا أن المقصود من قول «يس لما قرئت له» هو قراءة السورة ثم الدعاء بحاجات مشروعة مثل دخول الجنة أو حفظ القرآن.
وفي السياق نفسه، أكد الشيخ محمد وسام، أمين الفتوى بدار الإفتاء، أن القرآن نزل للتزكية والهداية لا للأذى، وقال ردًا على سؤال حول قراءة «عدية يس» على الظالم: «سورة يس قلب القرآن، وجاء أنها لما قرئت له، فإذا قرئت بنية صالحة استجاب الله تعالى».
وأوضح أنه يمكن قراءة سورة يس بنية أن يحفظ الله الإنسان أو يشفيه أو يرد له حقه أو يصرف عنه الأذى، بينما لا ينبغي استعمال القرآن للإهلاك أو الضرر، فالقرآن كلما قصد به الخير صرف الله به الشر.
من جانبه، قال الشيخ عويضة عثمان، أمين الفتوى بدار الإفتاء، إن بعض الناس لا يتحملون الظلم، وقد شُرع للمظلوم الدعاء على ظالمه، فدعاء المظلوم مستجاب، وله أن يقول: «حسبنا الله ونعم الوكيل»، لكنه أكد أن «عدية يس» لا أصل لها ولم يرد بشأنها شيء، وأنها مجرد أمر جارٍ على ألسنة الناس، مشددًا على أن الأفضل دائمًا هو العفو.
أما الشيخ محمد وسام فأعاد التأكيد على أن قراءة يس بنية الخير مستحبة، وأن القرآن كلما قصد به الخير كان سببًا لصرف الشرور، موضحًا أنه يجب أن تكون النية حفظًا ودفعًا للأذى وردًا للحقوق، لا للإهلاك والإضرار.



