شهد سوق الهواتف المحمولة في مصر أزمة متصاعدة خلال الأسابيع الماضية بعد إيقاف تشغيل نحو 51 ألف هاتف محمول في شهر أكتوبر، على خلفية تطبيق قرار فرض الرسوم الجمركية على الأجهزة الواردة من الخارج بأثر رجعي. وأدى القرار إلى حالة واسعة من الجدل بين المواطنين والتجار، وسط مطالبات بإعادة النظر في آلية التنفيذ حفاظًا على حقوق المستهلكين.
تطبيق الرسوم بأثر رجعي يفاقم الأزمة

أوضح ممثلو شعبة الاتصالات، أن قرار فرض الرسوم الجمركية بأثر رجعي تسبب في أضرار مباشرة لآلاف المواطنين الذين اشتروا هواتفهم بطرق قانونية، قبل أن يفاجأوا بإيقاف الخدمة عنها بعد أشهر من استخدامها.
وأشاروا إلى أن آخر دفعة من عمليات الإيقاف في أكتوبر شملت أكثر من 51 ألف هاتف، ما أدى إلى تعطيل مصالح أصحابها بالكامل.
التطبيق الإلكتروني ودور الجهات المنظمة

أُطلق تطبيق إلكتروني مطلع العام بهدف تنظيم دخول الهواتف إلى مصر، وتأكيد حالة كل جهاز من حيث خضوعه للرسوم أو إعفائه.
ورغم تأييد الشعبة لسياسات الحوكمة وضمان حقوق الدولة، اعتبرت أن تنفيذ القرار بشكل رجعي أوقع الضرر الأكبر على المواطنين، بينما يتحمل التجار بدورهم أعباء مالية وضريبية متزايدة.
مواقف قانونية متضاربة للمستخدمين
شهدت الأسواق مشكلات متزايدة بين التجار والمستهلكين، بعد تلقي العديد منهم رسائل رسمية تفيد بإعفاء أجهزتهم من الرسوم الجمركية عند دخولها البلاد، قبل أن يتلقوا لاحقًا رسائل جديدة تطالبهم بسداد الرسوم خلال 90 يومًا تحت طائلة إيقاف الجهاز.
وتسبب ذلك في وجود ما اعتبره متخصصون "قرارات إدارية متناقضة" أثارت ارتباكًا واسعًا لدى المستخدمين.
إلغاء إعفاء الأجانب يزيد من تعقيد الموقف
شملت الإعفاءات السابقة بعض الهواتف التي أدخلها أجانب إلى مصر بصورة قانونية، قبل أن يتم إلغاء هذا الحق في سبتمبر الماضي.
وبالتالي، فإن جميع الإعفاءات التي صدرت قبل ذلك التاريخ تظل قانونية وسليمة، وهو ما دفع الكثير من المتضررين للتساؤل عن أسباب تراجع الجهات المختصة عن قرارات صدرت منها بالفعل.
الجهة المختصة وتطبيق القرارات
أكد متخصصون في الشأن القانوني أن مصلحة الجمارك هي الجهة المسؤولة حصريًا عن تحديد خضوع الهاتف للرسوم من عدمه، بينما يتولى الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات تنفيذ هذه القرارات فنيًا من خلال التحكم في تشغيل أو إيقاف الأجهزة على الشبكات.
وتبلغ الرسوم المفروضة على الهواتف المحمولة نحو 38.5% من قيمة الجهاز، وهو ما يرفع أسعار بعض الطرازات بصورة كبيرة بعد احتساب الضريبة.
مطالب بمراجعة آلية التنفيذ

تتواصل الدعوات إلى إعادة تقييم آليات تطبيق الرسوم الجمركية على الهواتف، خاصة في ظل الضرر الذي لحق بالمواطنين والتجار على حد سواء.
ويرى مراقبون أن معالجة الأزمة تتطلب حلولًا واضحة تمنع تكرار القرارات المتضاربة، وتضمن الحفاظ على حقوق الدولة دون المساس باستقرار السوق أو الإضرار بالمستهلكين.

