قدمت لجنة الفتوى بمجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف بيانًا مفصلًا ردًا على سؤال ورد إليها حول حكم النوم وتأثيره على الوضوء، حيث عرضت اللجنة آراء المذاهب الأربعة مع توضيح الفروق بين حالات النوم المختلفة، وذلك على النحو الآتي:
فقسمت النوم إلى ثلاثة أنواع؛ أولها نوم المضطجع، وقد اتفق الأئمة الأربعة على أنه ناقض للوضوء قليلُه وكثيرُه، وهو المعتمد.
أما النوع الثاني فهو نوم الجالس، وهذا لا ينقض الوضوء إذا كان يسيرًا، وهو رأي أبي حنيفة ومالك وأحمد، وهو الراجح، بينما يرى الشافعي أن النوم لا ينقض عنده وضوء الجالس حتى وإن كثر، ما دام مُمكِّنًا لموضع الحدث من الأرض.
وجاء النوع الثالث في نوم القائم والساجد والراكع، وهو ناقض للوضوء عند الشافعي ورواية عن أحمد، في حين قال أبو حنيفة بعدم نقض الوضوء في هذه الحالات لمن كان على هيئة من هيئات المصلّي سواء داخل الصلاة أو خارجها.
وفي سياق متصل، أوضح الدكتور محمد عبد السميع أمين لجنة الفتوى بدار الإفتاء أن النوم لا ينقض الوضوء إذا كان يسيرًا وكان الإنسان جالسًا على هيئة المتمكن؛ أي إذا أحسّ بخروج شيء لأمكنه الشعور به.
وأضاف أن النوم أثناء خطبة الجمعة ينافي مقصود الاستماع والإنصات ولا يبطل الصلاة، لكنه ينقص من الثواب، مشيرًا إلى أن على المتوضئ تجنب الجلسات التي تقرّبه من الغفلة.
وأكد أن من نام على جلسة المتمكن فوضوؤه باقٍ صحيحًا، وله أن يصلي دون إعادة الوضوء.
رأي المذاهب الفقهية الأربعة
كما عرضت دار الإفتاء عبر موقعها الرسمي اختلاف العلماء حول ما إذا كان النوم ناقضًا للوضوء أم لا، وجاءت الأقوال خمسة:
الأول أن النوم ينقض الوضوء مطلقًا قليلُه وكثيرُه بأي هيئة، وهو قول إسحاق والمزني والحسن البصري وابن المنذر، مستدلين بحديث صفوان بن عسال الذي عدَّ النوم من النواقض دون تقييد.
أما القول الثاني فيرى أن النوم ليس ناقضًا مطلقًا، مستندين لحديث أنس بن مالك: أن الصحابة كانوا ينتظرون العشاء حتى تخفق رؤوسهم ثم يصلون ولا يتوضؤون.
وجاء القول الثالث بأن من نام مُمكِّنًا مقعدته من الأرض لم ينتقض وضوؤه، وإن لم يكن كذلك انتقض على أي هيئة، وهو مذهب الحنفية والشافعية.
أما القول الرابع فهو أن النوم ناقض للوضوء إلا النوم اليسير من القاعد والقائم؛ إذ يكون موضع الحدث مضمومًا فيغلب على الظن عدم خروج شيء.
وجاء القول الخامس بأن كثير النوم ينقض الوضوء في كل حال دون قليله، وهو قول مالك ورواية عن أحمد، موضحين أن الكثير هو النوم المستغرق الذي لا يشعر فيه النائم بخروج الحدث، بينما القليل هو الذي يشعر فيه لو حدث شيء، مستدلين بقول النبي ﷺ: «العين وِكَاء السَّهِ، فإذا نامت العينان استطلق الوكاء»، أي أن اليقظة بمنزلة الرباط الحافظ لما قد يخرج.


