لا صوت يعلو داخل نقابة المهندسين المصرية هذه الأيام فوق أزمة النقابة مع شركة (المهندس يوتن للدهانات)، ومستقبل حصتها في الشركة و(التي تمثل أهم استثمارات صندوق معاشات المهندسين على مدى 4 عقود)، وسط جدل واسع ومخاوف من نجاح الشريك الأجنبي في الاستحواذ على حصة النقابة البالغة 30% خاصة وأنه (لم يتبق سوى 48 ساعة حاسمة وفاصلة في هذا الأزمة، حيث تعقد الجمعية العمومية للمساهمين للنظر في زيادة رأس المال، وهو ما يرفضه المهندسون لما يعنيه من فقدان صندوق معاشات النقابة 26% من حصته ويمكن ضياعها بالكامل).
وفي هذا الحوار، يكشف المهندس محمد عبد الغني، عضو المجلس الأعلى السابق لنقابة المهندسين، وأحد المطلعين على الملف لـ "صدى البلد"، خلفيات الأزمة مع شركة (يوتن) النرويجية، ويوضح أسباب التصعيد في الوقت الراهن، وصحة موقف النقابة، ومدى ارتباط تلك الأزمة بالانتخابات النقابية المقبلة، وهل تسبب نقيب المهندسين في ضياع حصة النقابة كما يزعم عدد من أعضاء النقابة؟، وصحة عرض الـ 3 مليارات جنيه لشراء حصة صندوق معاشات المهندسين.
وإلى نص الحوار:
ما سبب تجدد أزمة (المهندس يوتن) مع نقابة المهندسين؟
السبب وراء تجدد أزمة شركة (يوتن) مع نقابة المهندسين يكمن في سعي الشركة النرويجية التي تملك أكثر من 70% من الأسهم؛ لإخراج صندوق معاشات المهندسين من الشركة، وشراء حصة الصندوق البالغة 30% بكل الطرق، للأسف هذه المحاولات أو المخططات بدأت قبل أكثر من عقد من الزمان ولا تزال مستمرة إلى يومنا هذا ولكن مجلس النقابة تصدى لها ونجح في وقفها في نهاية عام 2017، لكن الشركة لا تزال مصرة على موقفها الرامي لإخراج (المهندسين) وخفض حصتها في رأس المال.
فالشركة التي تعمل على أرض مصر وتحقق أرباحها من السوق والمستهلك المصري، وتريد أن تنفرد بكل الأرباح والمكاسب ولا ترغب في وجود مساهمين آخرين مثل نقابة المهندسين، فهي لا تريد تقاسم الأرباح (المكاسب) مع هؤلاء المساهمين أو الشركاء وتكتفي بجني الأرباح لنفسها، باختصار هي تحاول حرمان نحو مليون مهندس مصري أعضاء في النقابة من أصل استثماري موجود على أرض مصر الحبيبة وحق مشروع لهم كمصريين وهم وأسرهم أحق به، فيما يمكن أن ينعكس عليهم في الخدمات العلاجية والنقابية والمعاشات، وغيرها من الخدمات.
الشركة تسعى كذلك إلى الهروب من حصة المال العام المتمثل في (حصة صندوق المعاشات)، وما يستتبعه ذلك طبقاً للقوانين المنظمة، فالمال العام يعني تدخل أو وجود أكثر من جهة رقابية عليه، وأموال (الصندوق) تعتبر أموال عامة وهذا يستدعي وجود أجهزة رقابية مثل: (الجهاز المركزي للمحاسبات)، وهذا لا يتماشى مع رغبة الشركة كونها استثمارية، وتريد أن تجني الأرباح وحدها، لذا يتم استخدام ألاعيب مثل: (الاكتتاب لزيادة رأس المال - وقف توزيع الأرباح - الاقتراض من الشركة الأم في النرويج) كل هذا يحدث بطرق تفتقر للشفافية، والهدف منه إضعاف الشريك الأقل وهو صندوق معاشات نقابة المهندسين، وبالتالي يتم الاستحواذ على حصته أو على حقه في المشاركة في القرارات أو إدارة الشركة.
هل تعتقد أن تصعيد أزمة يوتن مرتبط بانتخابات النقابة؟
الأزمة القائمة بين النقابة والشركة ليست لها علاقة بانتخابات المهندسين المقرر فتح باب الترشح مطلع العام المقبل 2026، وتتضمن انتخاب نقيب عام جديد للمهندسين، لكن من الوارد أن يستخدم بعض (الأعضاء) هذه الأزمة لأغراض انتخابية، وهذه مسألة شديدة الخطورة؛ لأن حقوق المهندسين واستثماراتهم هي مصلحة عامة وعليا، يجب ألا تكون عرضة للمنافسات الانتخابية أو التلاعب فيها بما يهدد مصالح أعضاء الجمعية العمومية، ولابد أن يكون الجميع صفاً واحداً في الدفاع عن مصالحهم وحقوقهم في مواجهة المحاولات التي لا تتسم بالشفافية التي تقوم بها الشركة للاستحواذ على حصة النقابة، ويجب أن يتصدوا معا لهذه المحاولات، وأن يقفوا مع المهندس طارق النبراوي نقيب المهندسين المحترم في جهود النقابة الرامية للحفاظ على حقوقها وأصولها الاستثمارية.
ما صحة أن الهجوم على نقيب المهندسين تصفية حسابات؟
قبل الإجابة، أنا أرى أنه يجب على جميع أعضاء الجمعية العمومية من المهندسين والمهندسات الاتحاد والتفكير بشكل منظم في حال وجود أزمة مثل أزمة النقابة مع شركة (يوتن) أو الأزمات الأخرى التي تكون فيها النقابة في مواجهة أطراف خارجية، وهو تقليد راسخ تعلمناه جميعاً كمصريين من تاريخ الوطنية المصرية، حيث يتحد كل أبنائها عندما يكون هناك تهديد خارجي، والمهندسون كانوا باستمرار في طلائع الحركة الوطنية ومتمسكين بتقاليدها، فالجميع يجب أن يكونوا صفاً واحداً ويتم إدارة أي خلاف داخلي بعقلانية، حتى لا يستغل ذلك أي طرف خارجي لديه رغبة في التغول على حقوق ومصالح المهندسين.
أما فيما يخص المهندس طارق النبراوي نقيب المهندسين، فأعتقد أن الهجوم عليه في هذه الأزمة مرتبط تماماً بتصفية حسابات سابقة، وأن الهجوم بعيد كل البعد عن الموضوعية، وأن أزمة (يوتن) وما يتعلق بها ما هي إلا ستار. فما يطالب به المهندس طارق النبراوي هو ذاته ما يطالب به المعترضون، وللعلم هم (يرفضون سياسات النبراوي أساسا كنقيب عام للمهندسين وليس في هذه الأزمة تحديداً، وسبق لهم أن دعوا لسحب الثقة منه في 30 مايو 2023، وفشلوا فشلاً ذريعا في هذا، والكل يعرف ذلك جيداً)، ولكن الهجوم كما سبق وقلت فرصة لتصفية حسابات أو أخذ بالثأر من النقيب العام وكله مرتبط بما حدث في عمومية 30 مايو 2023 وما تلاها من قرارات أنصفت النقيب على من يتربصون به.
كيف تقيم موقف مجلس النقابة من الأزمة؟
أولاً: مطلوب من الجميع بشكل عاجل وفوري وقبل حضور عمومية 25 نوفمبر الاتحاد معا والتصدي بقوة لمحاولة (يوتن) الثالثة أو الرابعة للاستيلاء على حق النقابة وحق (صندوق المعاشات) المساهم بنسبة 30% في الشركة، فاتحاد المهندسين وتوحيد مطالبهم وطريقتهم في التعبير عن حقوقهم هو الأساس في الحفاظ على حق النقابة في الشركة، فلا يمكن لأحد أن يستبق ويعلن أن حصة أو نسبة النقابة (ضاعت)، وعلى الجميع انتظار الحكم في دعوى بطلان عملية الاكتتاب، وستعلن النقابة رفضها واعتراضها في الجمعية العمومية للشركة في 25 نوفمبر.
نعم هناك محاولات مستمرة من (يوتن) للاستحواذ على حصة النقابة أو تعديل نسبتها لكن لم يكتب لها النجاح حتى تاريخه. وذلك لأن الإجراءات التي قامت بها الشركة انطوت على ارتكاب أخطاء وأعمال (غش وتدليس) وفقاً للعديد من الخبراء والقانونيين ولم تتبع الطرق القانونية السليمة.
وهي إجراءات تؤكد أنه لم ولن يحدث حتى الآن فقد لحصة النقابة، ولابد من اللجوء لصحيح القانون لمواجهة هذه الإجراءات غير القانونية للشركة، ولابد من مراجعة تحركات النقابة وموقفها وما قامت من خطوات لحماية مصالحها ومصالح أعضائها.
هل تؤيد مزاعم التفريط في حقوق المهندسين عمدا؟
لم يحدث أي تفريط من النقابة في حصتها في (شركة)، وما حدث من (تلاعب وتدليس) من إدارة الشركة سيكون محل طعن قانوني وهو أمر معتاد في مثل هذه النوعية من الشركات.
أما ما تم من المحامي الذي اختير كاستشاري للنقابة بقراره سحب أحد الطلبات فهو كما يظهر للجميع كان قراراً خاطئاً وكان في غير صالح النقابة وفي غير صالح الحفاظ على حقوق المهندسين، فتوصيته بسحب أحد الإجراءات لم يكن له سبب واضح.
وعلى النقابة أن تتخذ الإجراءات المناسبة تجاهه سواء عن طريق تقديم بلاغ مهني ضده لنقابة المحامين أو أي جهات قضائية يكفلها القانون لحين ظهور الحقيقة كاملة وهل هو خطأ متعمد أم لا.
ما تقييمكم لعرض لشراء أسهم النقابة بـ 65 مليون دولار؟
تقييم أصول أو أسهم الشركات له أصول وقواعد وعند حدوثه يجب أن يكون هناك اتفاق للشركاء في طريقة التقييم والجهة التي تتولى هذا التقييم.
وأنا في الحقيقة ليس لدي معرفة كاملة بحقيقة عرض (يوتن) 65 مليون دولار على المهندسين لشراء حصتها (أي ما يعادل 3 مليارات جنيه مصر)، لكن ما أعرفه جيداً أن عملية البيع والشراء وما يترتب عليها له قواعد معروفة وكذا عملية تقدير الأسهم وقيمة كل سهم ولابد أن يتسم تطبيق هذه القواعد بالشفافية.
وفيما يخص قرار البيع للأصول المملوكة فهذه استثمارات قيمة وبيعها يحتاج دراسة جيدة لكل جوانب البيع بما في ذلك دراسة مقارنة للعرض والطلب وأيضاً للفرص البديلة لدى المهندسين لتحقيق أكبر استفادة من هذه الأصول. بالتالي هو قرار لا يمكن صدوره بهذه البساطة ويحتاج في تقديري إلى قرار من الجمعية العمومية صاحبة السلطة العليا وبعد تقديم دراسات وافية لها.
ما حقيقة أن أزمة أصول النقابة حزبية أكثر منها نقابية؟
ليس لدي تأكيد في هذا الشأن، ولكن إذا حدث هذا فهي (جريمة كبرى) بحق المهندسين، فأصول وحقوق المهندسين يجب أن تظل بعيدة عن تلك المناوشات والمهاترات، كما أنه على الجميع خلع الأردية الحزبية في العمل النقابي وتقديم مصلحة المهندسين على أي مصالح أخرى.
كيف ترد على الربط بين عمومية 25 نوفمبر وعمومية 30 مايو؟
الموقف هنا مختلف تماماً، فعمومية 25 نوفمبر هي جمعية عمومية خاصة بشركة مساهمة مغلقة بها مساهمين رسميين: (شركة يوتن بنسبة 70% - صندوق معاشات المهندسين بنسبة 30%)، وبالتالي الحضور لن يكون كثيفاً كما حدث في عمومية 30 مايو 2023.
ويجب أن يكون يوم 25 نوفمبر حاسماً للمهندسين، فهناك دعوة لعقد جمعية عمومية من قبل الشركة المالكة لزيادة رأس المال، يرى المهندسون أنها دعوة (باطلة) وكذلك يروا أن زيادة رأس المال قد تم وفق إجراءات (غير قانونية) تنطوي على (غش وتدليس)، وسيتم الطعن على الجمعية وقراراتها.
هل لديك تعقيب على تشكيك البعض في موقف نقيب المهندسين؟
لا يصح لأي عضو من أعضاء الجمعية العمومية التشكيك في حرص المهندس طارق النبراوي على النقابة وعلى أصولها بشكل عام، وما خاضه من معارك منذ أن كانت النقابة تحت الحراسة القضائية وبعد ذلك يؤكد أنه حريص كل الحرص على حقوق وأموال المهندسين، وعلى الجميع أن يدرك أن أزمة (يوتن) تمثل "معركة مصيرية" بشأن المال العام وحقوق المهندسين، وأن اللحظة الحالية تتطلب اصطفافاً حقيقياً خلف النقابة ونقيبها لمنع أي مساس بحصة المهندسين واستثماراتهم.