أكد الناقد السينمائي الكبير إبراهيم العريس أن السينما المصرية شهدت في أواخر عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر واحدة من أكثر مراحلها ازدهارا، بفضل الدور المحوري الذي لعبه القطاع العام في دعم الإنتاج السينمائي.
وقال العريس: تلك المرحلة أثمرت عن إنتاج يقارب 200 فيلم وصفها بـ "الأفلام الرائعة" التي أسست لنهضة سينمائية حقيقية امتدت آثارها لعقود.
وأوضح العريس أن تدخل الدولة آنذاك لم يكن لمجرد التمويل، بل ساعد في ضمان جودة الأعمال عبر إتاحة الإمكانيات الفنية وخلق بيئة إنتاجية مستقرة، الأمر الذي شجع المخرجين والكتاب على تقديم أعمال جريئة ومتنوعة.
وأضاف أن الأفلام التي أنتجت في تلك الحقبة أصبحت اليوم جزءا من الذاكرة الثقافية للمصريين والعرب، كما تمثل مادة أساسية للدارسين والمهتمين بتاريخ السينما.
وأشار العريس خلال مقابلة مع العربية إلى أن التجربة لم تتكرر لاحقا بالشكل نفسه، حيث تراجع تأثير القطاع العام وتغيرت طبيعة السوق السينمائية، لافتا إلى أن استعادة هذا الزخم تتطلب رؤية شاملة لدعم الصناعة، وتوفير تمويل حكومي مدروسا، وتشجيع المواهب الشابة على تقديم أفلام ذات قيمة فنية حقيقية.
وشدد العريس على أن ما تحقق في تلك السنوات يؤكد قدرة السينما المصرية على استعادة مكانتها، إذا توافرت الظروف المناسبة، مؤكدا أن الإرث الذي تركته مرحلة الستينيات لا يزال مصدر إلهام للجيل الجديد من صناع السينما.
وكشف إبراهيم العريس أن الأفلام المصورة بالأسود والأبيض ما زالت حاضرة في أذهان الناس، مشيرا إلى أن المسلسلات العربية أخذت تراكم الإرث الذي صنعته السينما القديمة. وأوضح العريس أن السينما السعودية قديمة العهد، وكانت في بداياتها محصورة في شركات محددة، قبل أن تظهر محاولات شبابية خلال عهد الملك عبد الله، لافتا إلى أن السعودية تعد أكثر بلد حبا للسينما وأكثرها شراء للأفلام.
وأضاف العريس أنه سبق أن كتب مقالا عن ابتكار السعودية لسينما خاصة بها، إلا أن المقال مُنع من النشر في ذلك الوقت، كما أغلقت مقاهي الأفلام، وفي عام 2011 ألغيت ندوة نقد سينمائي في مهرجان الجنادرية. لكنه أكد أن الأوضاع اليوم تغيرت جذريا، بعدما أصبحت السينما حاضرة في كل مكان داخل السعودية، سواء على مستوى الإنتاج أو دور العرض أو النشاط الثقافي المرتبط بالصناعة.