أكَّدت شيماء سيد، الباحثة بـ مرصد الأزهر لمكافحة التطرف، أن العنف ضد المرأة لا يقف عند حدود الإيذاء الجسدي أو النفسي، بل قد يمتد ليصبح أحد أهم الأسباب التي تدفع بعض الفتيات إلى الوقوع في دوائر التطرف، وفق ما ترصده دراسات المرصد وشهادات العائدات من التنظيمات المتشددة.
وأوضحت الباحثة بمرصد الأزهر لمكافحة التطرف، خلال تصريحات تلفزيونية، اليوم الثلاثاء، أن كثيرًا من الفتيات اللواتي انضممن إلى تنظيم داعش ذكرن—خلال جلسات الاستجواب—أنهن كنّ يعانين من تجارب أسرية قاسية، مثل التهميش والحرمان والمعاملة السيئة داخل البيت، وهو ما دفعهن للبحث عن "ملاذ بديل" قدّمته الجماعات المتطرفة في صورة مجتمع وهمي ممتلئ بالحب والدعم والأخوة.
وأضافت الباحثة بمرصد الأزهر أن العنف الأسري لا يضر المرأة وحدها، بل يُنتج بيئة كاملة قابلة للتطرف، إذ يتأثر الأبناء بصورة مباشرة عندما يشاهدون العنف يمارس داخل المنزل، مشيرة إلى دراسات بريطانية أشارت إلى أن ثلثي الشباب المعرضين للتطرف شاهدوا أمهاتهم يتعرضن للعنف، إلى جانب تقرير لجامعة نبراسكا أوضح أن 45% من المتطرفين عانوا من عنف أسري.
وشددت الباحثة بمرصد الأزهر على أن مواجهة هذه المشكلة تبدأ من رفض العنف من بدايته، وعدم السماح باستمراره أو التعايش معه، مؤكدة أهمية اللجوء إلى الوسيط العائلي في الخلافات الزوجية، كما أوصى القرآن الكريم، قبل أن تتطور الأمور إلى مراحل خطيرة قد تصل إلى القتل، مضيفة أن الإحصائيات العالمية تشير إلى أن 85 من كل ألف امرأة تتعرض سنويًا للقتل، و60% منهن على يد أحد أفراد الأسرة.
ولفتت الباحثة بمرصد الأزهر إلى أن العنف لا يعرقل فقط استقرار الأسرة، بل يهدد التنمية المجتمعية ككل، لأن المرأة المعنَّفة تقل إنتاجيتها، ويصبح المجتمع مضطرًا لتحمل تكاليف اقتصادية واجتماعية وصحية ضخمة لمعالجة آثاره، فضلًا عن تشويه مستقبل الأطفال الذين يكبرون داخل بيئة تعاني من العنف.
وأكدت الباحثة بمرصد الأزهر على أن "العنف ضد المرأة ليس مشكلة عائلية فحسب، بل قضية أمن قومي وتنمية بشرية، وأن حماية المرأة هي حجر الأساس لحماية الأسرة والمجتمع من التطرف والانهيار".


