أكد النائب محمد أبو العينين، وكيل مجلس النواب ورئيس الجمعية البرلمانية للاتحاد من أجل المتوسط، أن المنطقة المتوسطية أمام مرحلة جديدة تتطلب «تفعيل القدرات، وتحديث الأهداف، وبناء شراكات اقتصادية وتنموية حقيقية» تعيد الزخم إلى مسار التعاون الأورومتوسطي.

وقال أبو العينين في تصريحات للمحررين البرلمانيين قبيل بدء اجتماعات المكتب والمكتب الموسع لمنتدى الجمعية البرلمانية للاتحاد من أجل المتوسط، إن عملية برشلونة التي وضعت قبل ثلاثة عقود أسس الشراكة الأورومتوسطية، كانت تهدف إلى تعزيز الأمن والتنمية عبر برامج مدروسة تشجع الكفاءات وتبني القدرات، مشيرًا إلى أن إنشاء الاتحاد من أجل المتوسط جاء كآلية مؤسسية لدعم هذا المسار.

وأضاف أن المسار شهد تباطؤًا ملحوظًا بعد فترة الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي، إلا أن المرحلة الحالية تشهد «عودة قوية» مدفوعة بقناعة بأن دول المتوسط تمتلك قدرات ضخمة تتيح إقامة شراكات اقتصادية وتنموية حقيقية، بعيدًا عن منطق المنح أو المعونات.

وأوضح وكيل البرلمان أن هناك توجهًا داخل المفوضية الأوروبية لإنشاء هيئة خاصة تتولى تنفيذ البرامج الاقتصادية والاجتماعية، إلى جانب حزم تمويلية واسعة تستهدف مجالات التعليم والصناعة والابتكار، بما يعزز فرص التنمية المتوازنة بين ضفتي المتوسط.
وأكد أبو العينين أن المستقبل يتطلب تبني «أفكار غير تقليدية» تشمل إنشاء مشروعات صناعية متقدمة، وتأسيس جماعات عمل مشتركة، وتوفير وسائل تمويل ميسرة، بما يخلق وظائف جديدة تحقق التنمية المستدامة في دول الجنوب والشمال معًا.

وأشار إلى أن الهدف خلال الفترة المقبلة هو تحديث أهداف عملية برشلونة وفتح آفاق استثمارية جديدة، عبر توفير التمويل والأفكار المبتكرة ودفعة سياسية قوية تعيد الحيوية لمسار الشراكة الأورومتوسطية.
ولفت إلى أن التحركات الدبلوماسية المصرية الأخيرة، بما في ذلك جولات الرئيس عبد الفتاح السيسي، أسست «منظومة جديدة» تسهم في تسريع تنفيذ الخطط، خصوصًا في مجالات الطاقة والمناخ والتعليم والصحة والتنمية الاقتصادية.
وأشاد أبو العينين بالدور المصري المتنامي دوليًا، مؤكدًا أن مصر اليوم تحظى باحترام واسع بفضل سياستها المتوازنة ومواقفها الراسخة، وأن تحركات الرئيس عبد الفتاح السيسي أسست لنمط جديد من العلاقات الدولية يقوم على الشراكة واحترام إرادة الشعوب.

وأوضح أن مصر تُنظر إليها عالميًا كدولة تمتلك رؤية واقعية، وخطة عمل واضحة، ودورًا مؤثرًا في ملفات الأمن الإقليمي ووقف النزاعات ودعم الاستقرار، ما يمنحها قدرة أكبر على قيادة مبادرات التنمية والتكامل داخل المنطقة المتوسطية.
وأشار أبو العينين إلى أن البرلمانات، وعلى رأسها البرلمان المصري، تلعب دورًا أساسيًا في متابعة تنفيذ البرامج ومراقبة الأداء، مؤكدًا أن اجتماعات "برلمان المتوسط" الحالية ستناقش تطورات النزاعات في الشرق الأوسط، ووضع خارطة طريق تستند إلى مخرجات مؤتمر شرم الشيخ التي حققت نتائج ملموسة.
وفي ما يتعلق بقضايا المنطقة، شدد أبو العينين على ثوابت الموقف المصري تجاه القضية الفلسطينية: لا تهجير، لا تصفية للقضية، ووقف فوري للإبادة، مع ضرورة العودة إلى طاولة المفاوضات تمهيدًا لمرحلة الإعمار.
وتناول أيضًا ملفات السودان وضرورة وقف الحرب، وسد النهضة ورفض التصرفات الإثيوبية الأحادية، إلى جانب التطورات في سوريا ولبنان وليبيا، مشيرًا إلى أن التدخلات الخارجية بدأت تتراجع وأن الحلول يجب أن تأتي بإرادة الشعوب.
وأكد أبو العينين ضرورة الانتقال من «ثقافة المعونات» إلى ثقافة الاستثمار، عبر مشروعات استراتيجية كبرى في التعليم والصحة والصناعة والطاقة المتجددة والصناعات المتقدمة، إضافة إلى إنشاء جامعات ومراكز إنتاج مشتركة.
وفي ملف الهجرة غير الشرعية، أوضح أن جذورها اقتصادية بالأساس، وأن الحل يكمن في شراكات حقيقية توفر فرص عمل ومشروعات إنتاجية تحمي الشباب من المخاطر.
واختتم أبو العينين تصريحاته بالتأكيد على أن دول المتوسط تمتلك اليوم حماسًا متزايدًا للتكامل، وأن أوروبا — باعتبارها «قارة عجوز» — باتت بحاجة إلى شراكات تنموية حقيقية مع جنوب المتوسط تحقق المنفعة المتبادلة وتؤسس لمستقبل أكثر استقرارًا وازدهارًا.

