غيث من فيض.. ما خفي كان أعظم.. هذا بالضبط ما يجب أن تعرفه عن معرض إيديكس 2025، الذي يعد ملتقى حقيقيًا لكل أنواع الأسلحة في العالم على أرض مصر، ويجب فهم أنه لا يمكن مشاهدة الافتتاح وحجم الأسلحة المصرية الصنع الموجودة فيه بعين متابعة غير دقيقة.
معرض إيديكس 2025، الذي افتتحه الرئيس عبدالفتاح السيسي وسط حضور ضخم، ليس مجرد معرض عادي، بل استعراض لجزء بسيط من القوة في وقت شديد الحساسية تمر به مناطقنا المتوترة بقوة، مع عربة إسرائيلية حقيقية، وهنا يجب ذكر أن ما يُعرض مجرد جزء بسيط مما تمتلكه قواتنا المسلحة من الدرع والسيف، حيث تتجلى فيه كلمة الردع بظهور الأسلحة المصرية على الأرض، وتقدّم مصر في النسخة الرابعة من معرض الصناعات الدفاعية «EDEX 2025» واحدًا من أقوى العروض العسكرية في تاريخها الحديث، معلنة عن جيل جديد من الأسلحة والأنظمة الدفاعية التي تُعرض لأول مرة، وتعكس حجم التطور الذي وصل إليه قطاع الإنتاج الحربي المصري خلال السنوات الأخيرة.
وتشارك الهيئة العربية للتصنيع في فعاليات المعرض الدولي للصناعات الدفاعية "إيدكس 2025"، في نسخته الرابعة، والذي يقام بالقاهرة، برعاية الرئيس عبدالفتاح السيسي رئيس جمهورية مصر العربية القائد الأعلى للقوات المسلحة بإجمالي عدد (57) منتجاً منها (18) منتجاً جديداً يعرض لأول مرة، بالإضافة إلى (9) منتجات من القوات المسلحة، ويؤكد جناح وزارة الدولة للإنتاج الحربي هذا العام أن مصر لم تعد مجرد مستهلك للتكنولوجيا العسكرية، بل منتجًا رئيسيًا يعتمد على قدراته الذاتية، وفق توجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسي بالوصول إلى مرحلة متقدمة من توطين الصناعات الدفاعية.
«ردع 300».. راجمة الصواريخ بعيدة المدى
وعلى سبيل الذكر لا الحصر، وفي صدارة منظومة الأسلحة المصرية الجديدة، جاءت راجمة الصواريخ «ردع 300»، التي جرى الكشف عنها لأول مرة داخل جناح الإنتاج الحربي، وتمثل الراجمة تطورًا نوعيًا لقدرة مصر على امتلاك أنظمة صاروخية متعددة الأعيرة، موجهة ومجنزرة، قادرة على ضرب أهداف على مسافة تصل إلى 300 كيلومتر، مع قدرة حركة مرنة على الطرق الممهدة وغير الممهدة بسرعة 40 كم/ساعة. ويعكس ظهور «ردع 300» امتلاك مصر قدرة تصنيع صاروخي متقدم يوفر عنصر الحسم والردع الاستراتيجي.
«سينا 806».. درع الدعم الفني للمركبات المدرعة
قدمت الوزارة أيضًا المركبة المصرية الجديدة «سينا 806»، وهي مركبة إصلاح ونجدة تم تصنيعها بالكامل بأيادٍ مصرية لدعم تشكيلات المدرعات «سينا 200»، وتتميز المركبة بقدرتها على تنفيذ جميع مهام الصيانة الميدانية، بفضل:
ونش رفع حمولة 2 طن، وونش سحب بقدرة 15 طن قابلة للمضاعفة إلى 30 طن.
مجموعة متكاملة من المعدات وقطع الغيار.
مستوى حماية مماثل لمدرعات القتال.
وتأتي هذه المنظومة لتدعم رؤية مصر في بناء سلسلة إمداد عسكرية ذاتية بالكامل.
تجهيز عربة خفيفة بمدفع 23 مم مطوّر
ومن أبرز المفاجآت هذا العام تقديم مركبة خفيفة (4×4) مجهزة بالمدفع الثنائي 23 مم بعد تطويره لتقليل الارتداد وزيادة دقة الإصابة، ويتميز المدفع بمعدل نيران يصل إلى 1600 طلقة في الدقيقة، وبمدى يتجاوز 2 كم للأهداف الأرضية و2.5 كم للأهداف الجوية، ويمكن استخدامه في نمط الإطلاق الفردي أو الزوجي. ويُعد هذا التطوير نقلة مهمة في قدرات مواجهة التهديدات الجوية منخفضة الارتفاع.
تطوير استراتيجي للصلب المدرع المصري
وفي خطوة تُعد إنجازًا قوميًا، أعلنت الوزارة نجاحها في تطوير وإنتاج الصلب المدرع بسماكات تصل إلى 30 مم بدلًا من 15 مم سابقًا، مع زيادة العرض إلى 240 سم، وبذلك تصبح مصر واحدة من ست دول فقط على مستوى العالم تمتلك قدرة إنتاج هذا النوع الاستراتيجي من الصلب، الذي يدخل في تصنيع الدبابات والمدرعات القتالية، ويمثل هذا الإنجاز نقلة في تحقيق الاكتفاء الذاتي من أهم مدخلات الصناعات الدفاعية.
تطوير راجمة «رعد 200»
كما شهد جناح الوزارة عرض النسخة المطوّرة من راجمة الصواريخ «رعد 200»، بعد تحديث نظام التحكم ليعمل هيدروليكيًا بدلًا من النظام الكهربائي، إلى جانب تحسين منظومة التنشين. ويؤكد التطوير أن مصر لا تكتفي بإنتاج السلاح، بل تمضي في مسار تحديثه ورفع كفاءته.
خط إنتاج المدفع K9 والذخائر المصرية
وفي امتداد لمسيرة توطين التكنولوجيا، عرضت الوزارة نموذجًا لمنظومة K9 A1 EGY، التي يجري تصنيعها في أحد مصانع الإنتاج الحربي عبر خط إنتاج متكامل يتم الانتهاء منه مطلع 2026. كما تم بالفعل تصنيع الذخائر المصرية 155 مم الخاصة بالمدفع داخل مصانع الوزارة، ما يعزز القدرة الذاتية للصناعة العسكرية الوطنية.
وبذلك يثبت «إيديكس 2025» أن مصر ليست مجرد دولة تستعرض منتجاتها، بل قوة إقليمية صاعدة تمتلك إرادة التصنيع وقدرة التطوير، وتخطو بثبات نحو بناء قاعدة تسليح وطنية متكاملة. وما قدمته مصر من أنظمة صاروخية ومدرعات ومنتجات دفاعية متقدمة يؤكد أن الدولة لم تعد تعتمد على الخارج بقدر اعتمادها على عقول وسواعد أبنائها، وما يحدث اليوم في قطاع الصناعات العسكرية ليس مجرد تقدم تقني، بل ترسيخ لمكانة مصر كقوة قادرة على حماية أمنها القومي وصون حدودها وردع أي تهديد محتمل، وفي ظل هذا الزخم من الابتكار والدعم السياسي، تواصل مصر تعزيز حضورها القوي على خريطة الصناعات الدفاعية العالمية، لتؤكد أن قوتها ليست فقط في سلاحها، بل في قدرتها على صناعته وتطويره بيدها وبفكرها وإرادتها.