كشفت دراسة حديثة لجامعة ساوثهامبتون عن وجود كتلة واسعة من الصخور الشديدة السخونة على عمق يقارب 200 كيلومتر تحت منطقة نيو إنغلاند في الولايات المتحدة وتشير النتائج إلى أن هذه الكتلة ربما تكونت عقب انفصال غرينلاند عن أمريكا الشمالية قبل نحو 80 مليون عام.
تصحيح لفهم جيولوجي قديم
الدراسة تؤكد أن ما يُعرف بـ"شذوذ الآبالاش الشمالي" (NAA)، الممتد لمسافة 350 كيلومتراً، ليس كما كان يعتقد سابقا بقايا تمزق قديم بين أمريكا الشمالية وإفريقيا، بل أثر لصدع أحدث عمرا وأكثر عمقا في تأثيره الجيوديناميكي.
رحلة بطيئة عبر ملايين السنين
ووفقا للفريق العلمي من ساوثهامبتون ومركز هلمهولتز لعلوم الجيولوجيا وجامعة فلورنسا، لم ينشأ هذا الشذوذ الحراري في موقعه الحالي، بل تشكل قرب بحر لابرادور على بعد 1,800 كيلومتر، ثم تحرك ببطء نحو الجنوب الغربي بمعدل 20 كيلومتراً لكل مليون سنة، قبل أن يستقر تحت الولايات المتحدة.

لغز حير العلماء
البروفيسور توم غيرنون، المؤلف الرئيسي للدراسة، أوضح أن وجود هذه الكتلة الحرارية في منطقة تُعد تكتونيا هادئة منذ 180 مليون عام ظل لغزاً يثير تساؤلات العلماء.
وتشير النتائج الجديدة إلى أن الشذوذ يشكل جزءا من عملية جيوديناميكية بطيئة تساهم في تفسير استمرار ارتفاع جبال الآبالاش، إذ تعمل الحرارة المرتفعة في قاعدة القارة على إضعاف جذورها العميقة وزيادة طفوها.
مفهوم موجة الوشاح آلية الهجرة العميقة
اعتمدت الدراسة على نموذج "موجة الوشاح"، الذي يوضح كيفية انفصال كتل الصخور الساخنة عن أسفل الصفائح التكتونية عقب تباعد القارات.
وقد استخدم الباحثون نماذج محاكاة جيوديناميكية متقدمة وبيانات تصوير زلزالي لتتبع تطور هذا الشذوذ الحراري عبر عشرات ملايين السنين.

قطرات حارة تتحرك كأحجار الدومينو
البروفيسور زاشا برونه شبه العملية بقطرات من الوشاح تنفصل وتتحرك تباعاً كأحجار الدومينو ويرجح أن الشذوذ الواقع أسفل نيو إنغلاند هو إحدى هذه القطرات التي بدأت رحلتها مع انفصال غرينلاند عن كندا.
شذوذ مماثل تحت غرينلاند
كما كشفت الدراسة عن وجود شذوذ حراري مشابه تحت شمال وسط غرينلاند، يعتقد أنه تشكل في الفترة ذاتها، ما يجعله نظيراً جيولوجياً للشذوذ الموجود تحت الولايات المتحدة وتشير التقديرات إلى أن هذا المصدر الحراري يؤثر بدوره على حركة الغطاء الجليدي في غرينلاند.
تمزق قاري قديم ما زال ينبض في الأعماق
تخلص الدراسة إلى أن آثار التمزق القاري القديم لا تزال نشطة في عمق الأرض رغم هدوء السطح، وأن العمليات الجيولوجية العميقة تواصل تشكيل ملامح القارات وترسيخ دينامياتها لملايين السنين بعد انتهاء النشاط التكتوني الظاهر.


