تناولنا في الفترة الماضية الدبلوماسية من عمق التاريخ إلى تحديات الحاضر ثم اعقبها في الاسبوع الماضي الدبلوماسية المصرية في العهد الإسلامي واليوم نختتم هذه الحلقات بالجزء الأخير "الدبلوماسية المصرية في العصر الحديث" منذ لحظة ميلاد مصر الحديثة من جديد: حين جاء محمد علي، كانت مصر كمن يستيقظ من سبات طويل… فنهض بها، وبنى لها أشكالًا جديدة من القوة:
• علاقات دولية مستقلة.
• بعثات علمية تنقل مصر إلى المستقبل. رؤية تجعل من مصر دولة تتكئ على ذاتها، وتكتب قرارها بيدها وتعمل على بناء دولة قوية وقادرة. كانت تلك البداية الحقيقية لعودة الشخصية المصرية إلى المسرح الدولي بقوة ووضوح.
وفي زمن الاحتلال… وصوت مصر الذي لم يُكسر ورغم وطأة الاحتلال البريطاني، لم يخفت الصوت المصري فقد تحوّلت الدبلوماسية إلى صوت الشعب من الثورة العرابية إلى ثورة 1919، كانت مصر تقول للعالم: إن الحرية ليست مطلبًا… بل قدرًا. وإن الاستقلال ليس خيارًا… بل حقًا خالدًا لا يمكن التفريط فيه. وكانت الإرادة الوطنية أقوى من أي قيد. ثم ثورة يوليو: حين ارتفعت الراية المصرية عاليًا: لتفتح فصلًا جديدًا من القوة السياسية فمع ثورة 1952، ارتفعت مصر من جديد، وتحدثت أمام العالم بصوتٍ قوي وواثق:
• تأميم قناة السويس لم يكن قرارًا اقتصاديًا فحسب، بل كان صرخة سيادة أعادت لمصر كرامتها.
• والعدوان الثلاثي كان ساحة أثبتت فيها مصر أن الحق إذا صاحبه ثبات… انتصر.
• ثم جاءت حركة عدم الانحياز لتجعل من مصر قلبًا ينبض لشعوب العالم الطامحة للحرية.
أكتوبر 1973: دبلوماسية النصر ودبلوماسية السلام
قدمت حرب أكتوبر درسًا للعالم أن مصر حين تقاتل… تنتصر.
وحين تتفاوض… تنتصر أيضًا. استردت مصر أرضها بعرقها ودماء أبنائها، ثم أتمت معركة السلام بقدرة دبلوماسية هادئة وشجاعة، فاستردت أرضها، ورسّخت نهجًا دبلوماسيًا قائمًا على القوة والعقل.
الدبلوماسية المصرية الحديثة: صوت العقل وقوة الثبات:
في زمن تتشابك فيه الملفات وتتعقد فيه السياسة، تقف مصر اليوم بثقة:
• تدير ملف سد النهضة بثبات يحافظ على الحقوق دون التفريط بجوارها الأفريقي.
• تتصدر الوساطة في القضية الفلسطينية بروح المسؤولية والتاريخ.
• تعود بقوة إلى حضن إفريقيا، وتبني علاقات إقليمية تُعيد التوازن لمنطقة مضطربة.
• وتدافع عن أمن البحر الأحمر وشرق المتوسط، لتبقى مصر كما كانت دائمًا بوابة الأمان في الشرق.
أن الدبلوماسية المصرية عبر العصر الحديث كانت مسيرة قوة وحكمة… أعادت لمصر صوتها، وصاغت لها مكانتها، وجعلتها ثابتة في عالم لا يثبت فيه شيء.
• لقد كانت مصر وما تزال صانعة قرار، وواحة سلام، وركيزة استقرار، وصوتًا للعقل والحكمة في زمن طغى فيه الضجيج.
د. منال إمام تكتب: دبلوماسية مصر الشامخة ( 3 )