قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

توتر دبلوماسي.. جدل حول مشروع قانون تجريم الاستعمار الفرنسي في الجزائر

جنود الاستعمار الفرنسي يغتالون ويذبحون شهداء الجزائر
جنود الاستعمار الفرنسي يغتالون ويذبحون شهداء الجزائر

أعاد البرلمان الجزائري إلى واجهة النقاش السياسي والتاريخي ملف الذاكرة الاستعمارية، بعد شروعه ولأول مرة في جلسة علنية بمناقشة مشروع قانون يجرم الاستعمار الفرنسي للجزائر خلال الفترة الممتدة من عام 1830 إلى 1962. وينتظر أن يعرض المشروع للتصويت النهائي في الرابع والعشرين من ديسمبر الجاري، في خطوة تعد تطورًا نوعيًا في التعامل الرسمي مع هذا الملف الشائك.

ويمثل مشروع القانون ترجمة قانونية لمطالب جزائرية طالما طرحت على المستويين السياسي والدبلوماسي، بضرورة اعتراف فرنسا بجرائمها الاستعمارية وتحمل مسؤوليتها التاريخية. وترى الجزائر أن أي إعادة تأسيس للعلاقات الثنائية مع باريس لا يمكن أن تتم دون معالجة صريحة وشفافة لقضية الذاكرة، باعتبارها ملفًا غير قابل للتقادم أو التجاهل.

توتر ملحوظ بين باريس والجزائر

ويأتي هذا التحرك البرلماني في سياق توتر ملحوظ تشهده العلاقات الجزائرية–الفرنسية منذ يوليو 2024، وسط تباينات سياسية وملفات عالقة تتجاوز الذاكرة التاريخية إلى قضايا إقليمية وأمنية. وقد أعلن رؤساء الكتل البرلمانية تفويض رئيس المجلس الشعبي الوطني لتقديم المشروع، معتبرين أنه خطوة وطنية تهدف إلى حفظ الذاكرة الجماعية وتكريم ضحايا الحقبة الاستعمارية.

ويرى أكاديميون ومختصون في التاريخ أن الجرائم الاستعمارية الفرنسية في الجزائر لا تقتصر على البعد العسكري، بل شملت سياسات ممنهجة مست الهوية الوطنية والبنية الاجتماعية والاقتصادية، من مصادرة الأراضي ونزع الملكيات، إلى تهميش التعليم ومحاولات طمس الشخصية الثقافية للجزائريين، إضافة إلى المجازر الجماعية التي وثقتها مصادر تاريخية متعددة.

من زاوية قانونية، يعتبر مختصون في القانون الدولي أن مشروع القانون يحمل بعدًا سياديًا، كونه ينقل المطالب الجزائرية من إطار سياسي وأخلاقي إلى إطار قانوني مؤسس على توصيف الجرائم الاستعمارية كجرائم دولة، لا سيما تلك التي تصنف كـ“جرائم مستمرة”، مثل التفجيرات النووية وآثار الألغام، التي لا تزال تداعياتها قائمة حتى اليوم.

تداعيات إقليمية

كما يكتسب المشروع بعدًا إقليميًا، في ظل تنامي دعوات داخل الاتحاد الأفريقي لتجريم الاستعمار ومخلفاته، حيث تسعى دول القارة إلى بلورة موقف جماعي يعيد الاعتبار للعدالة التاريخية.

وعلى مستوى العلاقات الثنائية، يتوقع محللون أن تظل ردود الفعل الفرنسية الرسمية حذرة ومتوازنة، مع احتمال صدور انتقادات من أوساط اليمين واليمين المتطرف، دون أن يصل الأمر إلى أزمة دبلوماسية مفتوحة. ويرجح مراقبون أن يكون توقيت طرح المشروع محسوبًا بدقة، في ظل اقتراب استحقاقات انتخابية داخل فرنسا، ووجود جالية جزائرية مؤثرة في المشهد السياسي الفرنسي.

ويذكر أن تجريم الاستعمار الفرنسي ليس مطلبًا جديدًا في الجزائر، إذ طرح لأول مرة داخل البرلمان عام 2006، ردًا على قانون فرنسي صدر عام 2005 ومجّد الحقبة الاستعمارية. غير أن الزخم السياسي الحالي قد يمنح المشروع فرصة حقيقية للتحول إلى قانون نافذ، يعيد رسم معالم التعاطي مع الذاكرة الاستعمارية في العلاقات الجزائرية–الفرنسية.