أكد سفير دولة فلسطين لدى جمهورية مصر العربية، دياب اللوح، أن قطاع غزة يشكل جزءًا لا يتجزأ من دولة فلسطين، مشددًا على جاهزية الحكومة الفلسطينية لتحمّل كامل مسؤولياتها في الحكم والأمن داخل القطاع، وامتلاكها خططًا واضحة لإعادة إعمار غزة بقيادة الرئيس الفلسطيني محمود عباس.
جاء ذلك خلال لقاء عقده السفير اللوح مع عدد من الإعلاميين والصحفيين والمحللين السياسيين، استعرض خلاله التطورات الخطيرة التي تمر بها القضية الفلسطينية، في ظل ما تشهده الأرض الفلسطينية من أوضاع إنسانية وسياسية بالغة التعقيد، نتيجة العدوان الإسرائيلي المتواصل.
وأوضح السفير اللوح أن قطاع غزة يتعرض لدمار واسع النطاق، في وقت يعيش فيه مئات الآلاف من الفلسطينيين أوضاعًا إنسانية مأساوية داخل مخيمات النزوح، وسط ظروف قاسية من الجوع والمرض والبرد، في إطار سياسات ممنهجة من التطهير العرقي والتهجير القسري، إلى جانب التصعيد الخطير في الاستيطان والاعتداءات الإسرائيلية في الضفة الغربية والقدس المحتلة، فضلًا عن الحصار المالي المفروض على دولة فلسطين.
وشدد على أن وحدة الأرض والشعب الفلسطيني حق ثابت لا يقبل المساومة أو التجزئة، مؤكدًا أن أي ترتيبات سياسية أو إدارية لا تضمن هذه الوحدة تفتقر إلى الشرعية الوطنية والقانونية.
وأضاف أن الشعب الفلسطيني سيخرج من “نكبة غزة” إلى الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس، تحت قيادة الرئيس محمود عباس، مستندًا إلى إنجازات سياسية ودبلوماسية مهمة، في مقدمتها اعتراف 160 دولة حتى الآن بدولة فلسطين، وهو ما يشكل دليلًا واضحًا على التقدم الثابت نحو الاستقلال.
وأكد السفير اللوح أن الفلسطينيين يتطلعون إلى دولة مستقلة خالية من الحروب والاحتلال والاستيطان، مشددًا على ضرورة التنفيذ العاجل لخطة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب وقرار مجلس الأمن رقم (2803)، من خلال تثبيت وقف إطلاق النار ووقف الإبادة الجماعية بحق الشعب الفلسطيني، وضمان التدفق الفوري وغير المشروط للمساعدات الإنسانية من غذاء ودواء ومواد إيواء، ومنع أي محاولات للتهجير، والانسحاب الفوري لقوات الاحتلال من قطاع غزة، وتمكين الحكومة الفلسطينية وأجهزتها الأمنية الوطنية من تحمّل مسؤولياتها كاملة، بالتوازي مع تسريع جهود إعادة الإعمار.
وأشار إلى أن لجنة إدارة قطاع غزة يجب أن تكون مرتبطة بالحكومة الفلسطينية الشرعية، وهو ما تم اعتماده بوضوح في القمة العربية والقمة الإسلامية، مؤكدًا أن القضية الفلسطينية تمر بمنعطف تاريخي بالغ الخطورة في ظل وجود حكومة إسرائيلية يمينية متطرفة تسعى إلى تكريس الاحتلال وفرض الضم وسلب الأرض الفلسطينية، ومواصلة سياسات القتل والاستعمار وتهجير المواطنين وهدم المنازل، لا سيما في مدينة القدس المحتلة.
وأكد السفير اللوح أن الخيار الاستراتيجي الفلسطيني يتمثل في السلام القائم على حل الدولتين وفقًا للقانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية، معربًا عن الإيمان الراسخ بأن نيل دولة فلسطين استقلالها على حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، إلى جانب دولة إسرائيل في أمن وسلام متبادلين، هو الطريق الوحيد لتحقيق الأمن والاستقرار الدائمين في المنطقة.
وأضاف أن دولة فلسطين، عندما تكون كاملة السيادة، لن تشكل عبئًا أمنيًا على أحد، بل ستكون عنصر استقرار إقليمي وشريكًا مسؤولًا في حفظ الأمن وبناء السلام، مع الالتزام بمبدأ دولة واحدة، وقانون واحد، وسلاح شرعي واحد، وهو التزام ينطبق على جميع الفصائل الفلسطينية دون استثناء.
ودعا السفير اللوح المجتمع الدولي إلى تحمّل مسؤولياته الأخلاقية والقانونية تجاه الشعب الفلسطيني، وإنصافه لتمكينه من نيل حقوقه المشروعة والخلاص من الاحتلال، مؤكدًا أن القيادة الفلسطينية ماضية في طريق النضال السلمي والقانوني والدبلوماسي حتى تحقيق هذه الحقوق، وعدم بقاء الشعب الفلسطيني رهينة لمزاج السياسة الإسرائيلية التي تنكر حقوقه الأساسية وتواصل الظلم والقهر والعدوان.
وفي سياق متصل، ثمّن السفير اللوح عاليًا الجهود المتواصلة التي تبذلها جمهورية مصر العربية من أجل تأمين إدخال المساعدات الإنسانية والإغاثية إلى قطاع غزة، مشددًا على أن الدور المصري تجاه القضية الفلسطينية محوري وثابت، باعتبارها امتدادًا مباشرًا للأمن القومي المصري.
وأكد أن مصر ليست مجرد وسيط، بل شريك استراتيجي حقيقي، في ظل استمرار التشاور والتنسيق الوثيق بين القيادتين والحكومتين الفلسطينية والمصرية، خاصة فيما يتعلق بجهود الإغاثة وإعادة إعمار قطاع غزة.
كما أعرب السفير اللوح عن بالغ تقديره لقرار الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بفتح المستشفيات المصرية أمام 8 آلاف جريح ومريض فلسطيني، إلى جانب 18 ألف مرافق، موضحًا أنه جرى تشكيل لجنة من السفارة الفلسطينية في القاهرة لمتابعة أوضاعهم الصحية والإنسانية بالتنسيق مع وزارة الصحة المصرية.
وأشار إلى أن 99% من الجرحى والمرضى قد أتموا علاجهم بنجاح، وتم نقلهم إلى مساكن تابعة لوزارة التضامن الاجتماعي المصرية، في خطوة تعكس عمق الدعم المصري للشعب الفلسطيني.