لم يكن تألق إلياس العاشوري في افتتاح مشوار منتخب تونس بكأس الأمم الأفريقية مجرد ليلة استثنائية بل كان تتويجًا لمسيرة طويلة من الصبر والتحديات بعدما قاد “نسور قرطاج” للفوز على منتخب أوغندا بنتيجة 3-1 مسجلًا هدفين منحا تونس ثلاث نقاط ثمينة وبداية مثالية في سباق البطولة القارية.
إلياس العاشوري لم يكتف بتسجيل الأهداف بل قدم مباراة متكاملة عكست نضجه الفني وثقته الكبيرة ليؤكد أنه بات أحد الأعمدة الأساسية في المشروع الفني للمنتخب التونسي وأحد أبرز نجوم النسخة الحالية من أمم أفريقيا.
موهبة مبكرة وخلافات التكوين
بدأت رحلة العاشوري من نادي سانت بريست الهاوي قبل أن ينتقل إلى أكاديمية سانت إيتيان الفرنسية حيث برز سريعًا بفضل مهاراته الفردية وقدرته على المراوغة وكسر الخطوط.
غير أن هذه الموهبة دخلت مبكرًا في صدام مع فلسفة مدرب فريق تحت 17 عامًا الذي لم يكن مقتنعًا بأسلوب لعبه القائم على الجرأة والمخاطرة الهجومية.
وأقر اللاعب لاحقًا بأن الخلاف كان نتيجة تمسكه الشديد بطريقته داخل الملعب وهو ما انعكس سلبًا على فرصه في التطور داخل النادي.
وقال العاشوري في تصريحات له: "كان يريد الحد من حريتي في اللعب وأنا لم أكن مستعدًا للتخلي عن أسلوبي. كنت صغيرًا وعنيدًا ولم أتصرف دائمًا بالشكل الصحيح " .
إصابة قاسية ونقطة تحول
ازدادت الأمور تعقيدًا بعدما تعرض العاشوري لإصابة في أسفل البطن استدعت تدخلًا جراحيًا وأبعدته لفترة طويلة عن المنافسات لتتراجع فرصه في فرض نفسه داخل سانت إيتيان.
ومع عودته من الإصابة أدرك اللاعب أن مستقبله يتطلب قرارًا شجاعًا فاختار الرحيل عن النادي الفرنسي بحثًا عن بيئة تمنحه الثقة والدقائق اللازمة لصقل موهبته.

البرتغال.. محطة الانطلاق
في عام 2016 انتقل العاشوري إلى نادي فيتوريا غيماراش البرتغالي في صفقة انتقال حر وهناك وجد ضالته، ومع فريق تحت 19 عامًا انفجرت موهبته حيث سجل 10 أهداف وقدم 6 تمريرات حاسمة ليصبح أحد أبرز المواهب الصاعدة في الدوري البرتغالي.
هذا التألق لفت أنظار بورتو وبنفيكا غير أن اللاعب فضّل الاستمرار مع غيماراش معتبرًا أن الاستقرار والثقة أهم من القفز السريع بين الأندية الكبرى.

عرض التجنيس وحسم الهوية
كشف العاشوري أنه تلقى عرضًا لتغيير جنسيته الرياضية واللعب لمنتخبات البرتغال السنية خاصة في جيل توّج ببطولة أوروبا إلا أنه حسم قراره باختيار تمثيل تونس مؤكدًا تمسكه بجذوره ورغبته في كتابة اسمه مع منتخب بلاده.
نجم الحاضر وأمل المستقبل
وبعد ثنائيته في شباك أوغندا يبعث إلياس العاشوري برسالة واضحة مفادها أن الإيمان بالنفس قد يصنع الفارق وأن الموهبة حين تجد الطريق الصحيح قادرة على التحول من مشروع لاعب إلى نجم يصنع الفارق في أكبر المحافل.
ومع استمرار البطولة تتطلع الجماهير التونسية إلى أن يكون ما قدمه العاشوري في الافتتاح مجرد بداية لمسيرة قارية استثنائية.





