أكد الشيخ خالد الجندي، عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، أن التساؤل حول مجيء أفعال الآخرة في القرآن بصيغة الماضي رغم أن الحدث لم يقع بعد، هو سؤال مهم ودقيق، ويكشف عن تدبر حقيقي للقرآن الكريم، موضحًا أن الآيات لا تأتي كلها بصيغة الماضي، بل تتنوع بين الماضي والمضارع، ولكل صيغة دلالتها المقصودة.
وأوضح الشيخ خالد الجندي، خلال حلقة خاصة بعنوان "حوار الأجيال"، ببرنامج "لعلهم يفقهون"، المذاع على قناة "dmc" اليوم الأربعاء، أن استخدام الفعل الماضي في مشاهد يوم القيامة، مثل قوله تعالى: «وحشرناهم» و«وعُرضوا على ربك صفًّا»، جاء للدلالة على تأكد وقوع الفعل، وكأن الحدث قد انتهى بالفعل، لأن ما أخبر الله بوقوعه فهو واقع لا محالة، ولا مجال فيه للشك أو الاحتمال.
وبيّن أن من أعظم أسرار هذا الأسلوب أن الله سبحانه وتعالى منزه عن الزمان، فلا ماضٍ ولا حاضر ولا مستقبل بالنسبة له، فكل ما نعده نحن مستقبلًا هو في علم الله في حكم الماضي والمنتهي، ولذلك قال تعالى: «أتى أمر الله فلا تستعجلوه»، فجاء بالفعل الماضي مع أن الأمر لم يقع بعد بالنسبة للبشر.
وأشار الشيخ خالد الجندي إلى أن القرآن حين يستخدم الفعل المضارع في بعض مشاهد القيامة، مثل «ويوم نُسَيِّرُ الجبال» أو «ويوم يُعرض الذين كفروا على ربهم»، فإن المقصود هو تصوير المشهد وإشراك القارئ فيه، لأن الفعل المضارع يجعل الحدث حيًّا متحركًا أمام العين، وكأنه يقع الآن.
وأكد أن القرآن يتميز بأسلوب فريد، حيث يحول السطور المكتوبة إلى صور ومشاهد مرئية، من خلال التنقل المتقن بين الماضي والمضارع، ليجمع بين تحريك المشهد وتأكيد حتمية وقوعه، موضحًا أن هذا “الذهاب والإياب” بين الأزمنة هو من أعظم وجوه الإعجاز البياني في القرآن الكريم، الذي يأخذ القارئ إلى قلب الحدث دون أن يشعر.

