يرى الدكتور هاني الشامي، الخبير الاقتصادي وعميد كلية إدارة الأعمال بجامعة المستقبل، أن قرار البنك المركزي المصري بخفض أسعار الفائدة بنسبة 1% في نهاية عام 2025 يعكس قراءة واعية لمجمل التطورات الاقتصادية المحلية والعالمية، ويؤكد أن السياسة النقدية دخلت مرحلة جديدة تقوم على التيسير الحذر دون التفريط في استقرار الأسعار.
التضخم يمنح البنك المركزي مساحة للحركة
وأوضح الشامي أن اعتدال معدلات التضخم الشهرية وتراجع التضخم السنوي إلى مستويات أقل مقارنة بالعام الماضي منحا البنك المركزي مساحة للتحرك، خاصة مع ظهور مؤشرات واضحة على تحسن توقعات التضخم وتلاشي آثار الصدمات السابقة، وهو ما يجعل خفض الفائدة قرارًا منطقيًا في هذا التوقيت، وليس خطوة متسرعة كما يعتقد البعض.
النمو الاقتصادي يدعم القرار
وأضاف أن البنك المركزي نجح خلال السنوات الثلاث الماضية في احتواء موجة تضخمية عنيفة عبر سياسة نقدية مشددة، ومع بدء ظهور نتائج تلك السياسة أصبح من الضروري الانتقال تدريجيًا إلى دعم النشاط الاقتصادي، لافتًا إلى أن نمو الناتج المحلي الإجمالي بنحو 5% في الربع الأخير من 2025 يعكس قدرة الاقتصاد المصري على التعافي رغم التحديات.
وأشار الشامي إلى أن خفض الفائدة لا يعني نهاية معركة التضخم، بل يمثل إعادة ضبط للأدوات النقدية بما يتلاءم مع المرحلة الحالية، مؤكدًا أن الضغوط التضخمية من جانب الطلب باتت محدودة في ظل السياسة الحالية، وأن التحدي الأكبر يظل في تضخم السلع غير الغذائية وخاصة الخدمات.
المشهد العالمي حاضر في الحسابات
وفيما يتعلق بالأوضاع العالمية، أكد أن القرار جاء متسقًا مع الاتجاه الدولي نحو التيسير النقدي التدريجي، في ظل تعافي النمو العالمي نسبيًا واستقرار ديناميكيات التضخم، إلى جانب تراجع أسعار النفط نتيجة زيادة المعروض، رغم استمرار حالة عدم اليقين المرتبطة بالتوترات الجيوسياسية واضطرابات سلاسل الإمداد.
تناغم مطلوب بين السياسات الاقتصادية
وشدد عميد كلية إدارة الأعمال بجامعة المستقبل على أن نجاح خفض الفائدة في تحقيق أهدافه يتطلب تنسيقًا كاملًا بين السياسة النقدية والسياسة المالية، بحيث يتم توجيه أثر الخفض لدعم الاستثمار والإنتاج الحقيقي وليس المضاربات، مع استمرار ضبط أوضاع المالية العامة وتعزيز دور القطاعات الإنتاجية في الاقتصاد.
واختتم الشامي تصريحاته بالتأكيد على أن توقعات البنك المركزي بانخفاض التضخم إلى مستهدفه بحلول الربع الرابع من عام 2026 تبقى واقعية ولكنها مشروطة باستمرار الاستقرار الاقتصادي وعدم تعرض الاقتصاد لصدمات خارجية جديدة، معتبرًا أن القرار الأخير يحمل رسالة طمأنة للأسواق ويعكس ثقة صانع السياسة النقدية في متانة الاقتصاد المصري وقدرته على تحقيق نمو مستدام دون العودة إلى دوامة التضخم المرتفع.