أثار إعلان إسرائيل اعترافها بإقليم أرض الصومال كدولة مستقلة موجة واسعة من الجدل والرفض الإقليمي والدولي، لما يحمله من تداعيات قانونية وأمنية تمس استقرار القرن الإفريقي وأمن الممرات الملاحية الدولية.
في هذا الصدد، قال السفير صلاح حليمة، نائب رئيس المجلس المصري للشؤون الإفريقية ومساعد وزير الخارجية الأسبق، إن الخطوة الإسرائيلية بالاعتراف بإقليم أرض الصومال كدولة ذات سيادة تتعارض بصورة كاملة مع قواعد القانون الدولي ومنظومة الأمم المتحدة، كما تمثل خرقا واضحا لمبدأ احترام سيادة الدول ووحدة أراضيها، ويقوض هذا الاعتراف الأحادي الجانب، الأسس التي يقوم عليها النظام الدولي، ويشكل سابقة خطيرة في التعامل مع قضايا الانفصال.
وأضاف حليمة، خلال تصريحات لـ"صدى البلد"، أن هذا التحرك يهدد استقرار وسلامة أرض الصومال، وينعكس سلبا على أمن منطقة البحر الأحمر وخليج عدن، باعتبارهما من أهم الممرات الملاحية الدولية التي يجب أن تظل آمنة ومستقرة، لما لهما من تأثير مباشر على حركة التجارة العالمية.
وأشار حليمة، إلى أن التوجه الإسرائيلي نحو أرض الصومال لا ينفصل عن رغبة تل أبيب في تعزيز وجودها العسكري والأمني عند مدخل البحر الأحمر وخليج عدن، ولفت إلى أن هذا الوجود المحتمل قد يدعم تحركات إسرائيل في شمال البحر الأحمر، ويشكل تهديدًا مباشرا للأمن الإقليمي، لا سيما في ظل التوترات القائمة مع إيران والحوثيين، فضلا عن ارتباط ذلك بالقضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني المشروعة.
انتهاك للأعراف الدولية ورفض واسع
وشدد حليمة على أن التعامل الأحادي من جانب إسرائيل ورئيس إقليم أرض الصومال يمثل انتهاكا صارخا للقواعد والأعراف المنظمة للعلاقات الدولية.
واختتم: "المجتمع الدولي عبر عن استنكاره الشديد ورفضه لهذه الخطوة، من خلال بيانات صدرت عن الأمين العام لجامعة الدول العربية، ومنظمة التعاون الإسلامي، ومجلس التعاون الخليجي، مع توقع صدور مواقف مماثلة من الاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة، نظرا لما تحمله هذه الخطوة من تهديد مباشر للأمن والسلام في منطقة القرن الإفريقي".
إعلان إسرائيلي غير مسبوق
كان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قد أعلن، أمس، اعتراف إسرائيل بأرض الصومال "دولة مستقلة ذات سيادة"، في خطوة تعد الأولى من نوعها، إذ لم يسبق لأي دولة أن قدمت اعترافا رسميا بالإقليم الذي أعلن انفصاله من جانب واحد عن الصومال عام 1991، دون أن يحظى باعتراف دولي حتى الآن.
وجاء في بيان صادر عن مكتب نتنياهو أن رئيس الوزراء وقع إعلانا مشتركا ومتبادلا مع وزير خارجيته جدعون ساعر ورئيس أرض الصومال عبد الرحمن محمد عبد الله عرو، مؤكدا القرار الإسرائيلي بالاعتراف الرسمي بجمهورية أرض الصومال كدولة مستقلة وذات سيادة.
وأشار البيان إلى أن هذه الخطوة تأتي "بروح الاتفاقات الإبراهيمية"، في إشارة إلى مسار التطبيع الذي رعته الولايات المتحدة خلال الولاية الأولى للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والذي فتح الباب أمام علاقات جديدة بين إسرائيل وعدد من دول المنطقة.
ترحيب من قيادة الإقليم
من جانبه، وصف رئيس أرض الصومال القرار الإسرائيلي بأنه لحظة تاريخية، معتبرا في تعليق عبر منصة «إكس» أن هذا الاعتراف يمثل بداية لشراكة استراتيجية تعزز المصالح المتبادلة، وتدعم السلام والأمن الإقليميين، وتحقق مكاسب مشتركة دون الإضرار بأي طرف.
وفي السياق ذاته، أعلن وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر أن الجانبين اتفقا على إقامة علاقات دبلوماسية كاملة، تشمل تبادل السفراء وافتتاح سفارات، بما يمهد لمرحلة جديدة من التعاون السياسي والدبلوماسي بين الطرفين.
موقع استراتيجي وتحديات قائمة
وتقع أرض الصومال في الشمال الغربي من الصومال، وتبلغ مساحتها نحو 175 ألف كيلومتر مربع، وعلى الرغم من امتلاكها عملة خاصة وجيشا وجهاز شرطة، فإنها تعاني عزلة دولية وفقرا اقتصاديا، رغم موقعها الاستراتيجي المطل على خليج عدن، أحد أهم طرق التجارة العالمية، وقربها من مضيق باب المندب المؤدي إلى البحر الأحمر وقناة السويس.
وفي الوقت نفسه، يتمتع الإقليم باستقرار نسبي مقارنة ببقية مناطق الصومال، مع استمرار تهديدات حركة الشباب والصراعات السياسية الداخلية.
رفض إقليمي وموقف مصري واضح
وفي المقابل، قوبل الاعتراف الإسرائيلي بموجة رفض إقليمية واسعة، حيث أعلنت مصر أن وزراء خارجية كل من الصومال ومصر وتركيا وجيبوتي أعربوا عن إدانتهم ورفضهم القاطع لهذا القرار.
وأوضحت وزارة الخارجية المصرية، في بيان صدر عقب اتصال هاتفي بين وزراء خارجية الدول الأربع، أن الوزراء أكدوا دعمهم الكامل لوحدة وسيادة وسلامة الأراضي الصومالية، ورفضهم التام لأي إجراءات أحادية من شأنها المساس بالسيادة الصومالية أو تقويض أسس الاستقرار في البلاد.
وأضاف البيان أن الوزراء شددوا على دعم مؤسسات الدولة الصومالية الشرعية، ورفض أي محاولات لفرض كيانات موازية تتعارض مع وحدة الدولة، معتبرين أن الاعتراف بأرض الصومال يشكل سابقة خطيرة تهدد استقرار المنطقة وتفتح الباب أمام مزيد من التوترات السياسية.



