ياقاتلى قد توجوك فوق جثتي ملكًا

لا أعرف السبب المباشر في أن أحد مقاطع ديواني الأول الدوارين حول
الرأس الفارغ الصادر عن دار الحرية عام 1974، ألحت على بقوة خلال الأحداث
التي تدور الآن في مصر.. ياقاتلى.. قد توجك فوق جثتي ملكًا.. وأطلقوك
تحتكم.. وأنهم يبكون خلف كل راحل.. ويضحكون في المساء.. ما أسوأ البكاء
في عام الضحك ما أسوأ البكاء.. ومقطع آخر من نفس الديوان.. لا تأمنن كل
من يقول إننا رفاق.. لا تأمنن.. وقبل أن تعود للرقاد.. فأنفض الثوب الذي
سيحتويك نائمًا.. فقد يدس صاحبا خناجرة.. لا تأمنن.. لا تأمنن.
إن
أسوأ ما يتصور الإنسان أن يحدث ما حدث في بورسعيد.. وأنا لا أبرئ شعب
بورسعيد شعب المدينة الباسلة مما حدث، فكل من ينتمي إلى هذه المدينة مدان
ومتهم، ولا يمكن أن نستثنى منهما أحدًا.. فلا السلام.. أو النخوة
العربية، وحتى حتى أبسط الأمور الإنسانية تبيح أن يقوم المضيف بالاعتداء
على ضيفة. وقتله.. شباب في عمر الزهور.. وأنا لا أتصور حجم الهلع والخوف
الذي ارتسم في عيونهم وسكن في قلوبهم، وهم يرون المئات بل الألوف من
الجماهير تجرى خلفهم وتحاول الفتك بهم، فمن طالته السكين أودت بحياته،
ومن لم تطله السكين تم الدفع به من فوق المدرجات ليسقط جثة هامدة.. أي
قسوة تلك التي سكنت قلوب من قام بتلك الفعلة الشنعاء.. فلو حدث ذلك في
حرب.. وقامت القوات الغازية بتلك المجزرة لاتهموا بأنه وقعوا تحت طائلة
القوانين الدولية والإبادة الإنسانية، ليتني ما صحوت في هذا اليوم
الأسود وأنا أرى مصريين يموتون على أيد مصريين، وهل حقا هم مصريون، أنا
لا أعتقد ذلك.. فعذائى إلى كل مصري محب لهذا الوطن العظيم إلا يجعله يضيع
من بين أيادينا، لأن مصر سوف تظل باقية وأكبر بكثير من كل المؤتمرات التي
تحاول النيل منها.. - وحسبي الله ونعم الوكيل-.