العليمي وطنطاوي وحسان
أحدثت تصريحات النائب زياد العليمى التى يسب فيها ويشتم المشير طنطاوى والشيخ حسان صدمة شديدة وغضبًا واسعًا فى المجتمع المصرى كله ليس تعاطفًا مع المشير والشيخ بقدر ما هى انزعاج من الكلمات نفسها التى جاءت على لسان نائب محترم لتشير إلى مستوى الحوار الذى وصلنا اليه.
وقد تتفق مع المشير طنطاوى والشيخ حسان وقد تختلف معهما ، ومن حق اى فرد ان يعبر عن اختلافه وان يطالب بسقوط حكم العسكر وان ينتقد الشيخ حسان ، لكن لا يمكن ابدا قبول ان يتحول الخلاف السياسى او حتى المعارك السياسية الى سباب وشتائم، والأدهى ان يأتى ذلك من نائب منحه الناخبون ثقتهم ليشارك فى وضع مستقبل مصر.
عيب "العليمى" لم يكن فى طنطاوى ولا حسان فقط لكنه كان فى المجتمع المصرى كله وقيمه واخلاقه ، بل انه كان خروجا على اخلاقيات ومبادىء العمل السياسى كله ، ولا اعرف اذا كان السياسيون ونواب مجلس الشعب يسبون ويشتمون من يختلفون معه فى مؤتمرات عامة ، فماذا تركنا للبلطجية فى الشارع ؟
من حق النائب زياد العليمى ان ينتقد المشير طنطاوى وان يهاجمه وان يطالب بسقوط حكمه وان ينتقد ويهاجم الشيخ حسان فلا احد فوق النقد او الهجوم ، لكن ليس من حقه ان يصدم المجتمع كله بهذا الاسلوب فى السب ، وهو للأسف ليس اسلوب العليمى فقط بل اسلوب عدد ممن يقدمون انفسهم على انهم نشطاء سياسيون ، وقد رأينا منذ فترة كيف اضطرت مذيعة باحدى القنوات الفضائية لقطع الاتصال مع واحدة ممن يقدمن انفسهن على انهن ناشطات سياسيات بعد ان خرجت عن حدود اللياقة فى تناولها لمن يخالفونها الرأى .
المفترض ان يقدم نواب مجلس اشعب والمثقفين نموذجا للرقى فى الخلاف مع الاخرين وخوض المعارك السياسية بلياقة مهما كانت شراستها ، ولم يكن ابدا الصوت العالى والالفاظ غير اللائقة والشتائم الغريبة هى اسلوب سياسيين عظام خاضوا معارك معروفة فى البرلمان المصرى وخارجه على مدى تاريخه ، ولا كان الشو الاعلامى هو هدف ووسيلة هؤلاء العظام لتحقيق مجد وهمى ولو على حساب قيم المجتمع .
واذا كان من حق الشيخ حسان ان يتنازل عن حقه وان يتصالح مع العليمى ويقول انه اخى وحبيبى فهذا شأنه ، واذا كان للمشير ان يكتفى باعتذار صريح او ضمنى من النائب فهذا شأنه ، لكن تنازل المشير او الشيخ عن حقهما لا يسقط اطلاقا حق المجتمع المصرى فى ان يرى القانون يأخذ مجراه ويطبق على الجميع دون تفرقة ، ولا اعتقد ان مواطنا عاديا لو سب المشير سيكون علية مجرد الاعتذار وكفى .
لا اعرف النائب زياد العليمى وليست بينى وبينه اى مشكلة ، ولا اعرف المشير طنطاوى ولا الشيخ حسان وليست بينى وبينهما اى علاقة او مصلحة، لكنى مثل ملايين المواطنين المصريين اشعر ان هناك فى مصر من اصبحوا فوق القانون وفوق الحساب وهذا هو الخطر الحقيقى، فلم تقم الثورة لتسقط ديكتاتور وتخلق عشرات الديكتاتوريون الجدد ، الذين يدركون جيدا ان القانون لن يطبق عليهم مهما فعلوا ومهما اخطأوا .
[email protected]