نهال الدفراوي يكتب: الوسط بين الأصولية والعلمانية

لا أريد أن يكون منزلي محاطا بالجدران من كل جانب، ونوافذي مسدودة، أريد أن تهب ثقافات كل الأوطان على منزلي، من جميع الجهات، وبكل حرية.لكنني أرفض أن يقتلعني أحد من جذوري" المهاتما غاندي
يجب أن يكون الله هو الحقيقة المطلقة فالإنسان يجب عليه التوحيد بمعنى الإيمان بالوهية و ربوبية الله وصفاته و أسمائه عز وجل و أنها حقيقة مطلقة لا يمكن الجدل فيها كما وجب علية الإيمان بالله و اليوم الآخر و ملائكته وكتبة و رسله والقدر خيره و شره . بعد ذلك يأتي إعمال العقل الناقد الواعي للوصول إلى معرفة الحقيقة المطلقة وان يقوم العقل بتحليل كل ما حوله من قضايا في ضوء معرفته بالحقيقة المطلقة . وأنا استند في رأيي هنا إلى ابن رشد حيث توصل ابن رشد إلى "أن الدين أو الشرع يوجب النظر العقلي أو الفلسفي كما يوجب استعمال البرهان المنطقي لمعرفة الله تعالى وموجوداته.
ولقد ذكر ابن رشد آيات كثيرة من القرآن الكريم تدعو إلى التفكر والتدبر، منها على سبيل المثال: "فاعتبروا يا أولي الأبصار"، "أو لم ينظروا في ملكوت السماوات والأرض وما خلق الله من شيء"، وصرح ابن رشد بأن الاعتبار ليس إلا استنباط المجهول من المعلوم، وهو القياس العقلي أو الشرعي والعقلي معا. ويصرح ابن رشد بأن الله تعالى راعى اختلاف نظر الناس و تباينهم فجعل للشرع ظاهرا وباطنا فعلى العامة أن يقبلوا ظاهر النصوص دون جدل أو تأويل لأنهم ليسوا أهلا لذلك وإنما التأويل هو من شأن البرهانيين وحدهم لأنهم أهل لذلك، ولا ينبغي أن تذاع التأويلات على العامة بل يجب أن تكون في وسط الخاصة فقط لمناسبتها عقولهم . كما ذهب ابن رشد إلى أن التأويل ضروري لصالح الدين و الفلسفة فإذا كان الدين يوجب النظر العقلي أو الفلسفي فإنه من الواجب أن نلتمس تأويل ما لا يتفق معه من النصوص ولقد صرح ابن رشد بأن كل ما أدى إليه البرهان وخالفه ظاهر الشرع فإن هذا الظاهر يقبل التأويل حتى لا يصطدم الشرع والعقل.
ولقد قسم "ابن رشد" المعاني من حيث التأويل وعدمه لأقسام أربعة هي:
ما لا يجوز تأويله لموافقة ظاهره باطنه.
وما لا يجوز أن يؤوله إلا الراسخون في العلم .
ما لا بد من تأويله وإظهار هذا التأويل للجميع.
وما يؤوله العلماء لأنفسه.
فأنا أرى في آراء ابن رشد التوفيق بين الأصولية و العلمانية في زماننا الحاضر كما وفق مند زمن بعيد بين الدين و الفلسفة .