بالفيديو والصور.."زارع": الأنظمة العربية تورطت فى تعذيب مواطنيها بـ "جوانتانامو".. والمصرى فى الخليج تحت رحمة الكفيل

يعانى السجناء المصريون من سلسلة متكررة من الأزمات.. سواء كان ذلك فى الخارج أو حتى فى السجون المصرية، رغم مطالبات منظمات حقوق الإنسان بإيجاد حلول لتلك الأزمة إلا أن الأزمة ما زالت مستمرة.. وفى محاولة للتعرف على حقيقة ما يجرى واسبابه بجانب وضع السجون المصرية قبل وبعد الثورة وغيرها من القضايا والموضوعات، أجرى "صدى البلد" حوارًا مع محمد زارع المحامى ورئيس المنظمة العربية للإصلاح الجنائى، التفاصيل فى السطور القادمة.
لدينا الكثير من المواطنين فى الخارج ومنهم من يودع فى السجون فى دول عربية وأجنبية، ما هى المشكلات التى يعانى منها السجناء المصريون فى الخارج؟
بطبيعة البشر أينما وجدوا فلا نستبعد حدوث مشكلات وتورط فى قضايا، ويعانى المصريون فى الخارج من تغيب الجهات الرسمية فلا تتواصل معهم السفارات المصرية أو وزارة الخارجية ونادرًا ما تتحرك الجهات الرسمية لمتابعة قضية خاصة بسجين مصرى.
ما وجه الاختلاف بين وضع السجناء فى الدول العربية عنها فى الدول الأجنبية؟
فى الدول العربية خاصة التى تطبق نظام الكفيل يأخذ الكفيل جواز سفر المصرى ليمنعه من السفر ثم يلجأ إلى الشرطة التى تتحيز له بطبيعة الحال بينما لا يجد المصرى من يدافع عنه وغالبًا لا يستطيع اللجوء لمحامٍ ويفسخ الكفيل عقده وإن تم ترحيله فيكون ذلك بعد أن يخسر الكثير من حقوقه المالية، وإن أودع فى السجون فيتعرض للانتهاكات والتعذيب فى الدول القمعية التى تتبنى وجهة النظر التقليدية التى يجعل من فترة العقوبة فترة انتقام كما يحرم من الزيارات والمساعدات لاغترابه عن أهله.
وأضاف زارع: أن فى بعض الدول التى تطبق نظام الدية فالتهم تسقط عن الجانى وهذا ما تفعله الجاليات الهندية والباكستانية مثلا لأبنائها الذين يعملون فى دول الخليج حيث تقوم بالتنسيق وجمع الأموال لدفع الدية لأبنائها بالتنسيق مع سفارتها لكن بالنسبة للمصريين وفى ظل غياب السفارة المصرية ووزارة الخارجية يصعب تجميع مبالغ لإسقاط الأحكام، كما أن نظام الكفيل يجعل المصرى تحت رحمة الكفيل وغياب السفارة المصرية يجعله الطرف الضعيف فى أى قضية.
وماذا عن المصريين فى الدول الغربية؟
الوضع فى الدول الغربية يختلف فى كل شيء، فأحسن خدمة تقدمها لهم السفارة المصرية إنكار تعرفها عليهم لأن منهم من يسافر بشكل غير شرعى ومنهم من يخفى جواز سفره كى لا يتم ترحيله إلى القاهرة ويخسر ما جمعه فيفضل قضاء مدة عقوبته ثم يعود مرة أخرى لعمله، وعادة فى الغرب يكون الدبلوماسيون أكثر نشاطًا وتواصلاً مع أبناء بلدهم، كما أن مشكلات العمالة فى الغرب أقل نسبيًا منهم فى الدول العربية فغالبًا تجدهم أعلى من حيث المستوى التعليمى والثقافى، بالإضافة أن السجون فى الغرب أفضل حالاً، فالغرب يتبنى نظرية التقويم والإصلاح فيجعل فترة العقوبة فترة لإعادة تأهيل السجين للاندماج فى المجتمع كى نضمن عدم تكرار ارتكابه للجريمة مرة أخرى بعد خروجه من السجن.
وماذا عن معسكر جوانتانامو؟
معسكر جوانتانامو استثناء ووصمة عار فى جبين البشرية كلها، ومهما حاولت الولايات المتحدة الأمريكية رفع شعارات الحرية ودعمها لحقوق الإنسان فلن تنسينا ما يحدث بسجن جوانتانامو التى تودع به مواطنين لم يتم التأكد من قيامهم بجرم، فيتم سجن المشتبه بهم باسم "الحرب على الإرهاب" فيتعرض السجناء إلى تعذيب جماعى لانتزاع اعترافات منهم، وللأسف تورطت بعض الأنظمة العربية فى ذلك حيث تقوم الولايات المتحدة الأمريكية بترحيل العربى المشتبه به ليتم التحقيق معه فى دولته ثم يتم ترحيله عبر دول أخرى حتى يودع فى جوانتانامو ليواجه أبشع أنواع التعذيب، وهناك دول رفضت أن تكون دولة ترانزيت لما أسموه بالسجون الطائرة مثل ألمانيا والتى احتج الحقوقيون بها على أن تكون دولة ترانزيت للطائرات التى تنقل السجناء الذين يتم ترحيلهم من الدول لعربية لجوانتانامو والعكس.
وما هى الأنظمة العربية المتورطة فى مساعدة الولايات المتحدة الأمريكية على إيداع أبنائها فى جوانتانامو؟
أبرز تلك الأنظمة النظام المصري والسوري والأردني واليمني، فأمريكا تفضل ألا تقوم بالجرائم على أرضها فنجد أنها اختارت كوبا كمقر لجوانتانامو واختارت مقرات التحقيق للسجناء العرب بمقرات فى الدول العربية بمساعدة الأنظمة الحاكمة لها.
و كم بلغ عدد السجناء المصريين بمعسكر جوانتانامو؟
إلى الآن بلغ حوالى سبعة سجناء إلا أنه تم إخلاء ستة منهم، آخرهم كان يدعى "عادل فتوح الجزار" وعاد فى يونيو الماضى للقاهرة، وما زال لدينا سجين بجوانتانامو نتابع قضيته ونطالب بإخلاء سبيله ويدعى "طارق محمود أحمد محمد السواح".
هذا عن وضع السجناء المصريين فى الخارج ماذا عن وضعهم فى السجون المصرية؟
للأسف السجناء فى مصر حاليا يعانون من نفس المشكلات التى يعانى منها السجناء منذ الستينيات، فلا رعاية صحية ولا معاملة حسنة، فمازلنا نعمل بقانون سنة 1956 والذى يخالف اتفاقية مناهضة التعذيب حيث يتعامل مع السجين كمجرم فى حق المجتمع يجب الانتقام منه، فبدلا من أن يخرج السجين ليندمج فى المجتمع ويتابع حياته بشكل طبيعى بعد أن عوقب بالغعل على جريمته، يخرج وقد تعلم أساليب إجرامية جديدة كجزء من تشكيل عصابى جديد وهو ما يعرف لدينا بظاهرة "معتادى الإجرام" أو مسجلين خطر.
لماذا لم يناقش البرلمان المصرى حتى الآن التشريعات الخاصة بالسجناء حتى الآن؟
انشغل الجميع بتجهيز مستشفى سجن طرة، إلا أن لجنة حقوق الإنسان بمجلس الشعب قامت بدعوتى ومجموعة من الحقوقيين لحضور جلسة القادمة الأحد المقبل بالبرلمان لمناقشة التشريعات الخاصة بالسجناء.
وما أهم الأفكار التى ستطرحها على البرلمان؟
أولاً سأطالب بتعديل تشريعي للقوانين الجنائية فى مصر، فالسجين المصرى يجب أن يعامل بمفهوم جديد تطبقه كل الدول فى الغرب، حتى نضمن عدم تورطه فى جرائم أخرى ليخرج للمجتمع مواطنا صالحا ينفع بلده، فالسجين يحتاج إلى رعاية صحية وهذا ما لا يجده فى مستشفيات السجون والتى تعانى من غياب أبسط المعدات والأجهزة والرعاية الطبية اللازمة، كما يحتاج إلى تأهيل نفسي واجتماعي حتى يستطيع الاندماج مع مجتمعه، فقد عوقب بالفعل مرة و ا يجب معاقبته طوال عمره، كما يجب أن يتعلم حرفة ليعمل عملاً شريفًا بعد إنهائه فترة عقوبته، ويمكن للسجين أن يكمل تعليمه أيضا، بالإضافة إلى الرعاية اللاحقة، فيجب توفير مصدر رزق لأسرته أثناء فترة سجنه ومتابعته ومتابعة أسرته بعد خروجه كى نضمن عدم تورطه فى جرائم أخرى أو تكرار ماحدث له مع أى فرد من أسرته فتقويم السجين يضمن جرائم أقل، وعدم تقديم رعاية للسجين أثناء وبعد السجن يؤدى لكارثة كما يعنى عودته للإجرام مرة أخرى.
أما عن سجناء مصر فى الخارج فسأطالب برعاية وزارة الخارجية لهم وتخصيص فريق قانوني لمتابعة قضاياهم والدفاع عنهم حتى نمنع تعرضه لأى انتهاكات، ولا يشترط ان يكون كل أعضاء الفريق من المصريين لكن المهم ان يكونوا محامين موثوق بهم فى تلك الدولة.
وماذا عن سجناء طرة والمعاملة الانتقائية التى عوملوا بها قبل نقلهم؟
من المفترض أن يتم توحيد المعاملة بين السجناء، لكن سجن طرة مشهور بالتعامل الانتقائى حيث غالبًا ما يودع فيه الضباط والقضاة والصحفيين ونواب البرلمان والتائبين من الجماعات الإسلامية، حيث تتفهم إدارة السجن طبيعة السجناء فيتم التعامل معهم بشكل تمييزى ويصل الأمر أن يخصص لكل سجين عدد من السجناء يقومون على خدمته ويطلق عليه سجن "الصفوة".
انتقلت لجنة الصحة بالبرلمان وعاينت مستشفيي سجن ليمان ومزرعة طرة وتم إجراء تجديدات بهما، فهل يمكن أن تعمم التجرية على باقى مستشفيات السجون؟
لو تم تعميم ذلك لكان أفضل فمستشفيات السجون حالتها مزرية إلا أن تجديد مستشفى استغرق عام للحصول على موافقات إدارية وتجديدات فنية، ما يعطينا انطباع أن تجديد باقى المستشفيات سيستغرق مئة عام، فالتجديد يحتاج إلى تفكير مختلف وإرادة مختلفة، إلا أن دعوة البرلمان تبشر بوجود أمل فى تغيير الوضع الحالى للسجناء.
هل اختلف التعامل مع السجين السياسى بعد الثورة؟
الاختلاف الأبرز هو أن نسبة الإسلاميين من إجمالى السجناء السياسيين قلت كثيرًا بعد الثورة، إلا أن عدد المدنيين الذين حوكموا أمام القضاء العسكرى منذ قيام الثورة حتى الآن بلغ 13000 مدنى، وتعرضوا لأحكام افتقدت لأهم معايير الحكم ولا يمكننا كمحامين أو حقوقيين متابعة السجناء بالسجون العسكرية لذا لا نستطيع الحصول على معلومات، لكن من يخرج من السجون العسكرية يشكون من التعرض لسوء معاملة واعتداءات بالضرب.