فتاة: أشعر بالحزن عند حصول الخير للآخرين وأتمنى أن يكونوا أقل مني.. فما الحكم؟

وجهت فتاة سؤالا لدار الإفتاء قائلة: أشعر بالحزن عند حصول الخير للآخرين، وأتمنى أن يكونوا أقل مني أو مثلي فهل هذا حسد وما علاجه؟
قالت دار الإفتاء: أمر الله نبيه والمؤمنين -بالتبعية- بالتعوذ من شر الحاسد إذا حسد، فقال تعالى: "وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ" [العلق: 5] والحسد هو أن يتمنى الحاسد زوال نعمة المحسود، وهو حرام بإجماع الأمة، لأنه اعتراض على الحق، ومعاندة له، ومحاولة لنقض ما فعله، وإزالة فضل الله عمن أهله له، هذا إن كان الحسد الواقع من الشخص بكسب منه، بمعنى تمني زوال والسعي في ذلك.
وأضافت: أما إن كان غير مكتسب ولا بتعمد من الحاسد بأن يحصل ذلك بإصابة عينه للشيء المحسود دون تعمد ولا اكتساب فلا إثم عليه فيه، ويستثنى من تحريم الحسد ما إذا كانت النعمة التي يتمنى الحاسد زوالها عند كافر أو فاسق يستعين بها على معاصي الله تعالى أما إذا كان الحسد مجازيا، أي بمعنى الغبطة فإنه محمود في الطاعة، ومذموم في المعصية، ومباح في الجائزات، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم: "لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله القرآن فهو يتلوه آناء الليل وآناء النهار، ورجل آتاه الله مالا فهو ينفقه آناء الليل وآناء النهار " [أخرجه البخاري في صحيحه] أي كأنه قال : لا غبطة أعظم أو أفضل من الغبطة في هذين الأمرين وقد ذكر الغزالي في الإحياء أن الحسد من الأمراض العظيمة للقلوب، ولا تداوى أمراض القلوب إلا بالعلم والعمل، والعلم النافع لمرض الحسد هو أن تعرف تحقيقا أن الحسد ضرر على الحاسد في الدنيا والدين، وأنه لا ضرر فيه على المحسود في الدنيا والدين.
وأوضحت: أما كونه ضرراً على الحاسد في الدين، فهو أن الحاسد بالحسد سخط قضاء الله تعالى، وكره نعمته التي قسمها بين عباده، وعدله الذي أقامه في ملكه بخفي حكمته، فاستنكر ذلك واستبشعه وهذه جناية على حدقة التوحيد، وقذى في عين الإيمان، وكفى بهما جناية على الدين، وأما كون الحسد ضررًا على الحاسد في الدنيا فهو أنه يتألم بحسده في الدنيا، أو يتعذب به ولا يزال في كمد وغم، إذ أعداؤه لا يخليهم الله تعالى عن نعم يفيضها عليهم ، فلا يزال يتعذب بكل نعمة يراها عندهم، أما المحسود فعليه بالإكثار من التعوذ، ومن ذلك قراءة المعوذتين، وفاتحة الكتاب، وآية الكرسي، والتعوذات النبوية، نحو أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلقه أن يتعوذ بالمعوذتين، وبقراءة القرآن والأذكار بصفة عامة، وعليه بالدعاء.
وتابعت: ولا ينبغي أن يعمل الإنسان جانب الأوهام والظنون في الناس، فلا يجوز للمسلم أن يسيء الظن بإخوانه ويتهمهم بالحسد لمجرد مصادفة أحداث تقع قد لا يكون لها علاقة بمن نظن فيهم ذلك.