قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

دعوة الي أيام مضت


خلال هذا الأسبوع تلقيت دعوة من صديق لي تمتد صداقتنا الي مرحلة التعليم الثانوي ولم تنقطع هذه الصداقة فيما بيننا طوال هذه المده وحيث صاحب هذه الدعوة إخباره لي أنه قد وجه الدعوة الي زملاء الدراسة حتي نستعيد ذكريات الماضي البعيد ونسترجع تلك الأيام الرائعة التي كانت تشكل لنا رصيداً من الذكريات التي دائما ما كنت أعود إليها عندما تمر بي الأزمات والمواقف التي تؤدي الي الضيق والسواد.
وانتم تعلمون ان السنوات السابقة منذ 2011 كانت مليئة بأسباب هذه الأزمات وحيث كانت كل الظروف المحيطة بنا تمثل مصدراً مشعاً لتفشي حالة الاكتئاب لدينا جميعاً وحيث توجهت الي منزل هذا الصديق في منطقة مصر الجديدة التي عشت فيها أغلب سنين عمري ففيها كانت روضة الأطفال (البارون امبان) وفيها كانت مدرسة الطبري الابتدائية وبها كانت مدرسة القومية ثم الاعدادية ويتلوها مدرسة مصر الجديدة الثانوية وفي كل خطوة من خطواتي في هذه المعاهد الدراسية كانت ايامنا حلوة تدور جميعها حول المدرسة صباحا والمذاكرة مساء وفي نهاية الاسبوع تكون سينما نورماندي او سينما بالاس او كريستال ثم نادي هليوبوليس او نادي هوليوليدو كانت هذه الذكريات تمر أمامي.
وأنا أقود سيارتي الي منزل صديقي وفور دخولي الي شقته فوجئت أنني أقف في فصل ثالثة ثامن بمدرسة مصر الجديدة الثانوية عام 1963 فكل من كان موجوداً هم زملاء الدراسة في السنة النهائية للمرحلة الثانوية كانت الوجوه مليئة بالسعادة وكانت الرؤوس اما خالية من الشعر الذي كان غزيرا آنذاك او تغطيها طبقة بسيطة من القطن الابيض وكانت علامات السنين ترسم خطوطها علي وجوه هؤلاء الاحباب وحيث اخالت قبلات الترحيب وهي تكاد تصيبنا بالاختناق الا اننا كنا قابلين لهذا الاختناق حيث ان كل منا كان يحتضن عمره وايامه وذكرياته في وقت واحد بين يديه.
ثم بدأ كل منا يستعيد موقف من مواقفنا وحيث سألتهم هل تذكرون رحلة الثانوية العامة الي الاقصر واسوان وذكرياتنا خلالها حيث صاح احد الزملاء اللواء ........... نعم اتذكر الفول المدمس اللذي اكلناه في الاقصر وكان الطعم مشوبا برائحة زيت المواتير فقام الزميل الدكتور .... صائحا في غضب مفتعل حرام عليك ده كان جاز مش زيت بلاش ظلم فهب رجل الاعمال الشهير ....... قائلا انتم رغم السنين التي مضت لازلتم تجهلون كيف تميزوا بين الزيت والجاز والسولار فما كان داخل طبق الفول كان سولار ولم ار ايا منكم امتنع عن الاكل حيث توقفت وقلت بصلابة انتم تريدون دائما ان تسيئوا لكل امر جميل فكل ما تذكرون هو الفول المملوء بالسولار ونسيتم الحلاوة التي كانت بجانب هذا الطبق وانا اقطع بحلاوة طعمها وفوجئت بمظاهرة شديدة من الحاضرين تواجهني فالكل يصيح اصلك ناسي انك استوليت علي معظم قطع الحلاوة الطحينية المقدمة وتناولتها وحدك مستغلا انك كنت قائد المدرسة ورئيس اتحاد الطلبه في ذلك الوقت.
وبالتالي لم تترك لنا اي فرصة للفوز باي قطعة من هذه الحلاوة وحيث قلت في حده مصحوبة بضحكة مكتومة لازالت قلوبكم سوداء لم تسامحوني في تناولي لقطعتين اكثر منكم وقبل ان استمع الي كل الموجودين وهم يضاعفوا عدد القطع التي التهمتها من وجهة نظرهم فعلقت بصوت مرتفع ضاحك صحيح ان الكراهيه الموجوده حاليا بين الناس قد آلت اليهم ميراثا منكم وفجأة وجدت حالة من الصمت قد حلت محل هذا الحديث الضاحك وتغيرت ملامح هؤلاء الاحباب لتنقلب من السعادة المفرطة الي الي حزن مفاجئ وحيث تحدث صديقي صاحب الدعوة بصوته الرخيم نرجو الا تربط بيننا في مرحلة شبابنا بمن هم موجودين من شباب هذه المرحلة نحن ايها الاخوة عشنا اكثر فترات هذه الامه صعوبه انسيتم اننا لحظة تخرجنا من الجامعة اشتعلت حرب 1967 هل نسيتم الاخوة الاعزاء الذين قدموا ارواحهم في هذه الحرب وحيث وجه كلامه لي متسائلا هل نسيت انني وزملائي الذين انهوا امتحان الليسانس يوم الخامس من يونيو 1967 وحيث توجهنا في اليوم التالي الي ادارة جامعة عين شمس نطالب بتكوين كتائب فدائيين من طلبة الجامعة وحيث تم تشكيلها خلال يومين وتم ترحيلنا الي معسكر للفدائيين بطريق الاسماعيلية وحيث تلقينا تدريبا شديد التركيز علي ايدي مدرسين بمدرسة الصاعقة واستمر لمدة خمسة عشر يوما كنا خلالها في اعلي درجة من درجات تلقي فنون القتال ووضع ارواحنا فداءا للوطن وحيث تم ترحيلنا الي مدينة الاسماعيلية لنعسكر خلف مجري القناه حتي تم تنظيم القوات التي سوف تحتل هذه المنطقة وحيث تم اعادتنا الي القاهرة مع توجيهنا بان تكون مستعدين في اي وقت لاستدعائنا.
وحيث استمر صديقي في حديثه قائلا ألم نكن نحن وفود معارك النصر عام 1973 ودار في ذهني كيف فقد هذا الصديق حاسة السمع في احد معارك القوات المسلحة ولم يرو في اي وقت انه قد اصيب ويجب ان يعوض عن هذه الاصابة وسارعت الي القول بانني لم اقصد الاساءة الي جيلنا بل ولم اقصد ان اذكر عيوب شبابنا الحالي وانه وان كان القدر قد حدد طريقنا مليئا بالصعاب الا انه كان مليئا بالمحبة والاحساس بالقناعة مع يقين لدينا اننا في افضل حال حتي ولو كنا محرومين من الكثير من عناصر الرفاهية التي تمتع بها شبابنا الحالي.
وهنا صاح الفنان الشهير .... نحن لم نغضب لانك قد ساويت بيننا وبين شباب اليوم ولكن لان هذه المساواه كانت في الكراهيه التي ملأت قلوب هؤلاء الشباب حيث اننا لم يكن في وجداننا ثمة شعور بالكره او البغض لغيرنا كما هو الحال في هذا الوقت وحيث تساءل الصديق ما هي استفادة هؤلاء الشباب من قتل اخوانهم من شباب الشرطة والقوات المسلحة وهل يمكن ان يتصور ايا منهم ان ما يقومون به من عمليات اجرامية يمكن ان يقودهم لحكم مصر؟!!!
ثم في النهاية هل يمكن ان يكون هؤلاء الشباب مصريون مثلنا وفي النهاية هل قدمنا عمرنا وما يقرب من مائة وخمسين الفا من زملائنا ممن استشهدوا في حروب مصر فداء لهذه الامة حتي يأتي مثل هؤلاء ليقوموا بهذه الافعال وكم هو عدد هؤلاء الارهابيون انهم لا يتجاوزوا 10% من شهدائنا في حرب اكتوبر فكيف تحافظ السلطات علي ضبط النفس في مواجهة تظاهراتهم التي تمثل احد آليات وضع المفرقعات وقتل الابرياء اليس ذلك عدوانا علي المصريين الا يجب ان يكون جزاء كل من يشارك فيه وهو ما تقرره الشرائع السماوية والقوانين الوضعية.
نظرت الي الاصدقاء حيث اختفي وميض الفرحة من عيونهم وباتت ملامح الغضب علي شفاههم وفي هدوء يشوبه الالم وقف الجميع للانصراف في سكون وحيث صاح احد الزملاء قائلا علي فكرة الفول لم يكن عليه اي شئ بس انتم اللي مش عارفين تكلوه حيث عادت الينا بسمة خفيفة ونحن نغادر هذا اللقاء.
وللحديث بقيه،،،