لن تزيدنا جرائمكم يا آل الأسد إلا إصراراً

بواسلنا في بابا عمرو لم يُهزموا ، بل سطروا بسواعدهم الفتية ، وقلة عتادهم وذخائرهم أسطورة الحياة ، ولأن قتلت آلة دمار عصابات آل الأسد الفاسشتيه منهم المئات على مدار أسابيع من الحصار والقصف البربري الهمجي ، على مساحة لاتتجاوز الاثني عشر كيلو مترا ، لم يجرؤ هذا الجيش الجبان اللقيط بقادته وإدارته من التقدم لشبر في بابا عمرو ، إلا بعد ان نفدت الذخيرة ، التي نُحمل مسؤولية عدم الدعم والمؤازرة الى القيادات في الخارج التي لم تعمل جاهدة لتأمين المحتاجات المالية والإغاثية والعسكرية وهي الأهم بأي طريقة ووسيلة ، بسبب الصراع الدائر على المواقع والمناصب ، ونصب الكمائن كل للآخر بقصد إضعاف الآخر أو اجثاث الآخر، وعدم الشعور بتحمّل المسؤولية ، والتلهي بعد الصراعات السياسية ، بالمتاجرة بالثورة السورية ، فكل يدعي الوصل بليلى ، وهم عن ليلاهم بعيدون ، مجالس عسكرية وجبهات متعددة ، هي أهون من بيت العنكبوت ، ومايهمنا في الموضوع هو شكوى الداخل بعدم وصول الإمدادات والدعم ، مع كل الصناديق التي أنشئت ، وكأنهم في غير واد يهيمون ، والحقيقة أن لا أحد مُهتم إلا القلائل ، ومعظم من هم في الخارج متشوقون لعمل شيء من غير ذى جدوى ، فلم تُستغل الطاقات ويقضون جًلّ وقتهم في غير المكان الذي يجب أن يكونوا عليه ، فجميعنا في البيوت قابعون ، وما بين الفنادق والقهاوي والمؤتمرات سائحون ، ومكاننا في الأصل على الحدود وفي قلب المعركة المصيرية، نتحمل عبء المسؤولية والتواصل وتقديم الدعم الحقيقي للداخل السوري ، وكأن علينا أن ننتظر إلى أن تمدنا السماء بالمدد دون عمل ، يكفي أن أقول : إن هناك الآلاف المؤلفة من المعارضين والأحرار الموثقين موزعين في أصقاع الأرض ، ومنهم من لاعمل له ، ولنتخير منهم من نراه صالحاً ليكون في الميدان ، تاركاً عمله عبر تعويضه ، لأننا نخوض المعركة المصيرية ننتصر أو نموت ، وعلينا جميعاً أن نملك هذا الإحساس ، ولو كنا كذلك منذ البداية ، وكُل أوكل له العمل المناسب ، لتغيرت مجرى الأمور ، ولتمكن أحرارنا من إيقاع أكبر الهزائم بالعدو الأسدي ، ولانشقت القطعات العسكرية على نطاق واسع ، وخاصة بعد أن قطعت العديد من الدول الخليجية العهد على نفسها بالدعم اللامحدود المالي والتسليحي واللوجستي ، فلم يبق أمامنا سوى أن نستنهض الطاقات ونحشد الجهود لمعركة التحرير ، لا أن نكتفي بالإعلانات والتسميات التي لاتعمل إلا على الإحباط ، ويجب أن يكون ماجرى في بابا عمرو دروسا لنا ، كي نستطيع تحريك سورية بأكملها ، لتبقى بابا عمرو أسطورة التاريخ في التضحية والفداء والرمزية البطولية ، وليبقى أهلها في قلوبنا ومآقينا
ومع كل ماحصل من الحصار والتدمير والتقتيل ، لم تستسلم بابا عمرو ، بل بضع مئات من النساء والشيوخ والمرضى والجرحى بقوا في بابا عمرو ، ممن تُرتكب في حقهم الآن المذابح والإعدامات الميدانية ، والانتهاكات الصارخة لحقوقهم وإذلالهم ، واغتصاب النساء ، وما وصلنا عن ارتكاب الفظائع وحرق البيوت ، انتقاما وحُقداً من عصابات آل الأسد المُجيشة طائفياً ، لتبقى باقي حمص بأكملها عصية على هؤلاء الأوغاد ، ولن يُركعها جرائمهم ، بل لاتزيدهم إلا إصراراً ، ويوماً بعد يوم رغم تخاذل العالم أجمع ، تتقدم ثورتنا المباركة خطوات مهمة إلى الأمام ، فأين كنّا وأين صرنا مع كل المآسي ، والشعب السوري لن يعود للوراء ، ولو ذبحنا جميعاً فرداً فرداً ، وقطعونا إرباً إرباً ، لن نتراجع ولن نركع ، وسنبقى على دربنا الذي ابتدأناه ، وعرفنا أثمانه مُسبقاً بغية اجتثاث هذه العصابة الأسدية اللعينة ، واجتثاث جذورها مهما بلغت التضحيات ، ولكن مايهمنا وقف التشرذم والتفتيت ، وعلى المجلس الوطني أن يُعيد هيكلته لأننا إلى الآن لم نناد برحيله ولاشعبنا السوري يُطالب بهذا ، وهو كيان مهم قائم ، المطلوب منه استيعاب باقي التكتلات والتوجهات والمستقلين ، ولاسيما قادة محركي الثورة التي سُرقت ، للوصول الى صيغ مُقنعة تُرضي الجميع ، فلا وقت لأن تأخذنا العزّة بالإثم ، وإلا سنضطر أن نضع أشخاصه تحت المجهر فرداً فرداً ، وفاعلياتهم في هذا المجلس وإنجازاتهم ، وعلى أي نحو كانوا ماقبل الثورة بقصد التصحيح والنقد البنّاء لتصحيح الاعوجاج ، لأننا لايمكن أن نبقى صامتين ، ونحن نشهد هذا التدهور والانشقاقات التي تُضر في دعم شعبنا في الداخل ، الذي لن يتراجع خطوة الى الوراء ، ولن يتأثر بكل هذا الهراء ، بعدما أمل بأن تكون الكيانات في الخارج عوناً له لاعبئاً عليه ، فهم من جعلوا النظام يركع ، وهم من يُدير المعركة ، واليهم يعود القرار ، معتمدين على الخالق عزّ وجل ، وهم من يُضحي التضحيات الجسام ، ومن بصبرهم سيكسر الطغيان ، بعد ان تهاوت عروش ، وزرعوا في قلوب العدو الأسدي الرعب والوهن والانهيار والانشقاق ، وهم من فضحهم على العالم حتّى صاروا كعصابات وقطّاع طرق مطلوبين للعدالة الدولية ، ، وبهم من سينتصر شعبنا ووطننا العظيم ، وهم من رووا بدمائهم الذكية شجرة الحرية ، ولن تضيع دماء أبرارنا هدراً ، وإنا ماضون في هذا الطريق مادامت السماوات والأرض ، حتّى دحر آخر حشرة أسدية حقيرة ، ولن يتخلى أحد فينا عن الأمانة في التخلص من هذه الشرذمة ، فلننهض جميعاً ، ولنتوافق ولنتوافق ونرفع الوتيرة ، لاستنهاض الشعب السوري وإعلان النفير العام ، الذي ينقض فيه كل سوري للتخلص من كل كلب مجرم معاون للعصابات بأي وسيلة ، قتلاً بالسكين أو الرصاص وبأي طريقة وفي كل مكان ، لزرع الرعب في قلوبهم ، وإشعارهم بأنهم لاعاصم لهم بعد اليوم ، ولن يكون ذلك إلا إذا أوصلنا الشعب الى نقطة اللاعودة والمصير المحتوم ننتصر أو نموت ، وإشعار أعوان النظام بأن سادتهم لايستطيعون حماية أنفسهم ، فكيف سيستطيعون أن يحموا كلابهم ، عساهم أن يعودوا لرشدهم ، ولكي لايكونوا عرضة للمحاكمات فيما بعد.
وأخيراً أوجه ندائي للجيش السوري الحر العظيم البطل لأقول له : بوركتم وبوركت سواعدكم والبطون التي أنجبتكم ، فأنتم فخار شعبكم وشموخه ، واليكم تتطلع الأنظار ، وما جرى لكم من استدراج في ادلب والشام نعرف بأنه لن يؤثر عليكم ، وعلى معنوياتكم ، بل لن يزيدكم إلا إصراراً وتصميماً للمضي في درب البطولة والتضحية والفداء ، فأنتم لم تُقاتلوا من أجل دنيا ومناصب ، بل الله غايتكم ، ونصرة شعبكم هدفكم لتخليصه من حالة الإذلال والاستعباد والقهر ، لأنكم تتطلعون لمستقبل سورية وطناً وشعباً ، وهذا ماسيجعل حرصكم أكبر ، وتحركاتكم أخطر ، ومن أعدمه النظام فهو في عداد الخالدين ، طريق مشيناه ، وعلى طريقكم سيقتدي الباقون قريباً بإذن الله ، فلن تُثني مثل هذه الجرائم الشنيعة التي ترتكبها عصابات آل الأسد العزائم ، بل سيزيدنا صلابة وقوة وشكيمة وإصراراً على الانتصار بإذن الله ، والله أكبر والنصر لشعبنا السوري العظيم