وصف مفصل لسفينة "نوح" وأسباب هلاكها

ولد نبي الله نوح عليه السلام بعد وفاة آدم عليه السلام بألف سنة، فيروى أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا رسول الله أنبي كان آدم؟ قال: نعم. قال: فكم كان بينه وبين نوح؟ قال: عشرة قرون"، واسم "نوح" مأخوذ من النوح لنوحه على ذنوب أمته.
وقد بعث الله تعالى نوح عليه السلام عندما عُبدت الأصنام والطواغيت، وشرع الناس في الضلالة والكفر، فبعثه الله تعالى رحمة للعباد، فكان ثالث رسول بُعث إلى أهل الأرض بعد آدم وإدريس عليهما السلام، وكان قومه يقال لهم "بنو راسب"، كما ذكره ابن جبير، وغيره ــ، ودعا نوح قومه إلى إفراد العبادة لله وحده، لا شريك له، وألا يعبدوا معه صنماً، ولا تمثالاً، ولا طاغوتاً، وأن يعترفوا بوحدانيته، وأنه لا إله غيره ولا رب سواه، كما أمر الله تعالى من بعده من الرسل، الذين هم كلهم من ذريته، فاستجاب له بعض الضعافِ وبعض أبنائه إلا ابنه كنعان.
وكان نوح عليه السلام يعمل في حرفة "النجارة" التي كانت أحد الأنشطة الصناعية التي قام بها الإنسان منذ القدم، وكان عليه السلام أقدم النجارين، حيث تتفق الديانات السماوية الثلاث على أنه صنع الفلك ــ أي السفينة ــ بإلهام من الله تعالى حتى يتخذه طريقا للنجاة من الطوفان، فقال الله عز وجل: "واصنع الفلك بأعيننا ولا تخاطبني في الذين ظلموا إنهم مغرقون" [هود ـ آية : 37]، وكانت صناعته للسفينة بشكل متقن جعلها تصمد أمام الأمواج العاتية دليل على خبرته في صناعة السفن والنجارة.
ويروي المؤرخون أن نوحا عليه السلام لما يئس من صلاح قومه، وفلاحهم، ورأى أنه لا خير فيهم، وتوصلوا إلى أذيته ومخالفته، وتكذيبه، دعا عليهم دعوة غضب، فلبى الله دعوته، وعند ذلك أمره الله تعالى أن يصنع الفلك، وهي السفينة العظيمة التي لم يكن لها نظير قبلها، وقد قال بعض علماء السلف: لما استجاب الله لنوح أمره أن يغرس شجراً ليعمل منه السفينة، فغرسه وانتظره مائة سنة، ثم نجره في مائة أخرى، وقيل: في أربعين سنة. وقال الثوري: وأمره أن يجعل طولها ثمانين ذراعاً، وعرضها خمسين ذراعاً، وأن يطلى ظاهرها وباطنها بالقار، وأن يجعل في وسط السفينة أزور يشق الماء. وكانت ثلاث طبقات، كل واحدة 10 أذرع؛ فالسفلى للدواب والوحوش، والوسطى للناس، والعليا للطيور، وكان بابها في عرضها، ولها غطاء من فوقها، مطبق عليها.
وبدأ نوح عليه السلام بصناعة فلك عظيم، لا يشبهه فلك في العالم؛ لأنه سيحمل فيه أصحابه وأتباعه ومن كل صنف من الحيوانات زوجين اثنين، وقد كان في قدرة الله أن ينزل تلك السفينة الضخمة من السماء، أو يرفع بنوح وأتباعه الأرض، فلا يصل الماء إليهم، ولكن الله أمره أن يضرب بمسماره على أخشابه، ليبني أعظم فُلك في الدنيا، حتى يعلم الإنسان الأخذ بالاسباب وقيمة العمل.
ويذكر القرآن الكريم أن نوحاً عليه السلام مكث في قومه بعد البعثة وقبل الطوفان ألف سنة إلا خمسين عاماً فأخذهم الطوفان وهم ظالمون، ثم الله هو من يعلم كم عاش بعد ذلك؟.