"الخنساء".. إحدى أعلام الإسلام

نسب الخنساء:
هي تماضر بنت عمرو بن الحارث السلمية ولقبها الخنساء، وسبب تلقيبها بالخنساء لقصر أنفها وارتفاع أرنبتيه[1].
حال الخنساء في الجاهلية:
عرفت الخنساء رضي الله عنها بحرية الرأي وقوة الشخصية، ونستدل على ذلك من خلال نشأتها في بيت عـز وجاه مع والدها وأخويها معاوية وصخر، والقصائد التي كانت تتفاخر بها بكرمهما وجودهما، وأيضا أثبتت قوة شخصيتها برفضها الزواج من دريد بن الصمة أحد فرسان بني جشم؛ لأنها آثرت الزواج من أحد بني قومها، فتزوجت من ابن عمها رواحة بن عبد العزيز السلمي، إلا أنها لم تدم طويلاً معه؛ لأنه كان يقامر ولا يكترث بماله، لكنها أنجبت منه ولدًا، ثم تزوجت بعده من ابن عمها مرداس بن أبي عامر السلمي، وأنجبت منه أربعة أولاد.
وأكثر ما اشتهرت به الخنساء في الجاهلية هو شعرها وخاصة رثاؤها لأخويها صخر ومعاوية والذين ما فتأت تبكيهما حتى خلافة عمر، ومما يذكر في ذلك ما كان بين الخنساء وهند بنت عتبة قبل إسلامه، نذكره لنعرف إلى أي درجة اشتهرت الخنساء بين العرب في الجاهلية بسبب رثائها أخويها.
عندما كانت وقعة بدر قتل عتبة وشيبة ابنا ربيعة والوليد بن عتبة، فكانت هند بنت عتبة ترثيهم، وتقول بأنها أعظم العرب مصيبة. وأمرت بأن تقارن مصيبتها بمصيبة الخنساء في سوق عكاظ، وعندما أتى ذلك اليوم، سألتها الخنساء: من أنت يا أختاه؟ فأجابتها: أنا هند بنت عتبة أعظم العرب مصيبة، وقد بلغني أنك تعاظمين العرب بمصيبتك فبم تعاظمينهم أنت؟ فقالت: بأبي عمرو الشريد، وأخي صخر ومعاوية. فبم أنت تعاظمينهم؟ قالت الخنساء: أوهم سواء عندك.
قصة إسلام الخنساء:
قال ابن عبد البر في الاستيعاب: "قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم مع قومها من بني سليم فأسلمت معهم".
وتعد الخنساء من المخضرمين؛ لأنها عاشت في عصرين: عصر الجاهلية وعصر الإسلام، وبعد ظهور الإسلام أسلمت وحسن إسلامها
.
من كلمات الخنساء:
كانت لها موعظة لأولادها قبيل معركة القادسية قالت فيها: "يا بني إنكم أسلمتم وهاجرتم مختارين، والله الذي لا إله غيره إنكم لبنو رجل واحد، كما أنكم بنو امرأة واحدة، ما خنت أباكم ولا فضحت خالكم، ولا هجنت حسبكم ولا غيرت نسبكم. وقد تعلمون ما أعد الله للمسلمين من الثواب الجزيل في حرب الكافرين. واعلموا أن الدار الباقية خير من الدار الفانية يقول الله عزَّ وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [آل عمران: 200]. فإذا أصبحتم غدًا إن شاء الله سالمين، فاغدوا إلى قتال عدوكم مستبصرين، وبالله على أعدائه مستنصرين. وإذا رأيتم الحرب قد شمرت عن ساقها واضطرمت لظى على سياقها وجللت نارًا على أوراقه، فتيمموا وطيسه، وجالدوا رئيسها عند احتدام خميسها تظفروا بالغنم والكرامة في دار الخلد والمقامة"[6].
فلما وصل إليها نبأ استشهادهم جميعًا قالت: "الحمد لله الذي شرفني بقتلهم وأرجو من ربي أن يجمعني بهم في مستقر رحمته".
وفاة الخنساء:
توفيت بالبادية في أول خلافة عثمان رضي الله عنه سنة 24هـ.