مواقف لا تنسى

على مر التاريخ، ما يربط مصر ومملكة البحرين علاقات أخوية وثيقة ووطيدة، فكلاهما يقف بجانب الآخر في أحلك الظروف في أوقات الشدة والمحن، وفي المسرات والفرح أيضا تجدهما على قلب رجل واحد.
فخلال السنوات الماضية التي شهدت فيها مصر حراكا سياسيا، كانت البحرين بحكمة قائدها الملك حمد بن عيسى آل خليفة، أول من وقف بجانب مصر وأيدت شعبها وجيشها في تطلعاته للوصول بسفينة الوطن نحو بر الأمان، ولم يتأخر العاهل البحريني عن الحضور إلى مصر ليعبر بصراحة عن موقف بلاده الداعم لاستقرار المحروسة، كون أن أمن مصر واستقرارها هو أمن واستقرار للخليج والمنطقة العربية بأسرها.
فمنذ قيام ثورة 30 يونيو، كان العاهل البحريني أول زعيم خليجي يزور القاهرة عقب الثورة، ولم يتأخر يوما ما عن تلبية الدعوة في شتى المحافل ودعم مصر بكافة الأوجه لعودتها إلى موقعها الريادي كدولة رائدة لها ثقلها السياسي في المنطقة وما تمثله من عمق استراتيجي مهم للدول العربية. فشارك ملك البحرين في قمة دعم مصر الاقتصادية في مارس الماضي، وبعدها بأيام حضر اجتماع القمة العربية، ومن ثم، وأخيرا وليس بآخر، كانت مشاركته في افتتاح قناة السويس في السادس من أغسطس الماضي، موجها الدعوة للرئيس السيسي بزيارة المملكة، وذلك بخلاف اللقاءات والزيارات الرسمية وغير الرسمية للوزراء والمسؤولين البحرينيين، والتدريبات العسكرية المشتركة.
وعلى مدار عامين وأكثر، وفي ظل ما تشهده الدولة المصرية من استهداف ومحاولة النيل من هيبتها بالإرهاب الأسود، كانت مملكة البحرين ملكا وحكومة وشعبا في مقدمة دول العالم التي تتضامن مع مصر وتدعمها في حربها ضد الإرهاب، وذلك ما دونته المواقف والأيام من "شهامة ورجولة"، وليس أدل على ذلك من كلمات ملك البحرين: "إننا على يقين بأن مصر ستبقى دائما وأبدا عمقا استراتيجيا ومنارة عالية وقلعة للعروبة والإسلام، وأن ما يمس مصر يمسنا ويمس جميع الدول العربية، ومصيرنا واحد".
فكلتا الدولتين، مصر والبحرين، تعانيان من خطر الإرهاب الذي يريد أن ينال منهما، ولذلك كان الرئيس السيسي أيضا حاسما في كلماته رافضا التدخل الإيراني في الشأن الداخلي لمملكة البحرين قائلا إن أمن الخليج خط أحمر، في ظل التحديات العديدة التي تواجهها المنطقة، لذلك فإن زيارة الرئيس السيسي لمملكة البحرين سيكون لها دلالات مهمة في التصدي للأطماع الإيرانية والمخططات الإرهابية الخبيثة التي تحاك بالعرب جميعا.
"عامان على ثورة 30 يونيو.. البحرين ومصر مواقف لا تنسى"، الكتاب الذي أصدرته مؤخرا سفارة المملكة بالقاهرة، يعد موسوعة تؤرخ لمدى متانة العلاقات المصرية البحرينية، من خلال مئات المواقف والزيارات واللقاءات التي قام بها المسئولون البحرينيون دعما لمصر وشعبها، وأيضا الزيارات المصرية لمملكة البحرين، وتأكيد على أن النسيج الذي يجمع بين الشعبين واحد لا يمكن أن يتغير بتغير الأيام.