وزير خارجية الأردن يؤكد ضرورة دعم الحلول السياسية في المنطقة والتصدي لكل ما من شأنه تغذية الإرهاب
حذّر وزير الخارجية الأردني ناصر جودة من أن التأخر في الرد الفوري والشامل على التهديدات الإرهابية من شأنه أن يؤدي إلى تفاقم الأزمات في منطقة الشرق الأوسط ، وسقوط المزيد من ضحايا العنف والاضطهاد.
جاء ذلك في كلمة الوزير الأردني اليوم ، خلال افتتاح مؤتمر باريس حول "حماية العناصر المستضعفة من ممارسات داعش في سوريا و العراق " الذي يشارك في رئاسته مع وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس ، وبحضور الرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند ، و نائب الأمين العام للأمم المتحدة يان إلياسون ، ووزير الخارجية سامح شكري.
وأكد جودة ضرورة دعم الحلول السياسية وبرامج التنمية في الشرق الأوسط عبر إحلال الشرعية الدولية ، ومعالجة كل ما من شأنه تغذية الإرهاب والعنف ، من خلال إحلال السلم و الأمن في المنطقة.
وحذر من أن استمرار الأزمات في المنطقة دون التوصل لأفق الحلول السياسية الشاملة يعني أن التبعات ستتجاوز حدود المنطقة.
و أشاد بجهود فرنسا في مكافحة الإرهاب ، معتبرا أن ها الأمر يتسق تماما مع الدور المتميز الذي تلعبه باريس في خدمة قضية السلام و الأمن في الشرق الأوسط و العالم.
ولفت إلى أن العالم ليس بمعزل عن تفاعلات منطقة الشرق الأوسط وتحدياتها، مشيرا إلى أن منطقة الشرق الأوسط ليست جزءا معزولا عن العالم.
وأردف قائلا" إننا حين نتحدث عن العنف الطائفي والعرقي ..يبرز تلفائيا خطر الإرهاب وهو خطر حقيقي متكامل العناصر و لم يعد مجرد تحد يواجه دولة أو منطقة أو مكون بعينه ، بل هو استهداف يصل درجة التهديد ويطال المجتمع الدولي بأسره .
وشدد على أن الاْردن يدرك خطورة ظاهرة الإرهاب والتطرّف ، وهو الموقف الذي ينطلق أساسا من رسالة القيادة الأردنية و شرعيتها ، ومن التكوين الثقافي للشعب الأردني والفهم الحقيقي للدين الإسلامي الحنيف.
و جدد التأكيد على أن مواجهة الإرهاب لا تكتفي بالردع الأمني والعسكري فحسب وإنما تتمثل في جهد طويل الأمد متمثل في التحصيل الثقافي ودعم "المناعة الاجتماعية " وتوجيه المبادرات لتعميق ثقافة التواصل والانفتاح والتقريب وتكريس شراكة قطاع الشباب بما يكفل الدفاع عن الصورة الحقيقية المشرقة للإسلام المستنير الذي يدعو إلى الرحمة و التكافل والمودة .
ونبه إلى أن المسلمين هم أول ضحايا الإرهاب البغيض الأعمى ، وأن هذا الوباء لا يميز بين ملة و أخرى وعرق و آخر ، ويسعى إلى تفتيت المجتمعات ، ويجد بيئته الحاضنة في الخراب والدمار و التهديد والترويع والقتل.
و أكد أن الإسلام يرفض الصراع الطائفي المطلق ، ويحرم العنف ضد المسيحيين والطوائف الأخرى من مكونات المجتمعات في البلدان المختلفة.
وذكر بأن الأردن بادر منذ وقت مبكّر لتقديم ورعاية المبادرات السامية والنوعية والواعية بتركيبة المنطقة ، وخطورة التحديات التي تواجهها انطلاقا من رسالته ، وفي إطار أسبوع الوئام العالمي بين الأديان، منوها بأن عما تواصل دورها في العمل على حماية المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس الشريف وعلى رأسها المسجد الأقصى ، وبالدفاع عن طابع المدينة المقدسة التاريخي وهويتها العربية الإسلامية المسيحية.
وشدد على أهمية دور الشباب في رسم صورة أفضل وتحقيق مستقبل مشرق للمنطقة والعالم، مشيرا إلى مبادرة الاْردن قبل أقل من شهر في هذا الصدد بعقد المؤتمر الدولي للشباب و السلام و الأمن ، والذي تمخض عنه خارطة طريق ورؤية مشتركة نحو إطار أفضل للسياسات من أجل تعظيم دور الشباب ، وتمكينهم من التعامل مع الصراعات والتصدي للعنف وبناء السلام المستدام.
وأوضح أن الاْردن يقوم بدوره كاملا في مجابهة الإرهاب والتطرّف وبواجبه الإنساني ، ويسهم جيشه في منع تمدد هذا الخطر و تسلله الى سائر دول المنطقة ، مستدركا بأن بلاده تتحمل أعباء استضافة وتأمين الملايين من اللاجئين المهاجرين من شتى العروق و الأديان و المذاهب.
ولفت إلى أنه رغم الوضع الاقتصادي الصعب الذي يمر به الاْردن ، والضغط الهائل على موارده ، فإنه لا يتأخر في تقاسم إمكانياته المحدودة مع مليون ونصف مليون لاجىء سوري فروا من أتون المحرقة المشتعلة في بلادهم، مؤكدا تمسك الاْردن بموقفه إزاء حصرية الحل السياسي للأزمة السورية ، وتحقيق الاستقرار في العراق الشقيق ونزع أى غطاء عن جماعات العنف و الإرهاب بدعوى القصاء السياسي والتمييز.
واعتبر أن عدم التوصل إلى حل شامل وعادل للقضية الفلسطينية بوصفها القضية المركزية يزيد من مشاعر الإحباط وفقدان الثقة في الشرعية الدولية ، مؤكدا أنه لا حل للقضية الفلسطينية ، التي تمثل عقدة الصراع في المنطقة، دون حل تفاوضي محدد بإطار زمني تقوم بموجبه الدولة الفلسطينية المستقلة التي تضمن كرامة الشعب الفلسطيني وعاصمتها القدس الشرقية ، وفقا لحدود 1967 استنادا إ
لى كافة المرجعيات الدولية وخاصة مبادرة السلام العربية.
ولفت إلى أن الاْردنيين على مر التاريخ قدموا نموذجا حيا على التعايش بين كافة المكونات ، قائما على أساس أن التنوع المذهبي و العرقي عامل قوة ومصدر ثراء للمجتمع .