غرف جمع الرسوم
أسعدنى كثيرا قرار اتحاد الغرف التجارية بتأسيس شركة برأس مال 150 مليون جنيه لإنشاء مراكز تجارية ولوجستية، ففى مصر مئات الآلاف من أصحاب السجلات التجارية، وكل صاحب سجل تجارى يدفع للغرفة التجارية فى محافظته اثنان فى الألف من رأس المال المذكور فى السجل التجارى كرسوم سنوية لا ترد، وهي رسوم تدخل ميزانية الغرفة، وهذه الغرف جميعها أعضاء فى الاتحاد العام للغرف التجارية، وهو حسب القانون يمثل جميع تجار مصر، وعدد كبير من مجالس إدارات الغرف التجارية فى مصر جرى انتخابهم بالتزكية، نعم بالتزكية لأنه لم يترشح أحد غيرهم، وهناك رؤساء غرف عاصروا أربعة أو خمسة رؤساء للجمهورية، وهو ما يطرح تساؤلات كثيرة عن أهمية الغرف التجارية، والدور المنوط بها القيام به.
وخطوة اتحاد الغرف التجارية هذه هي خطوة إيجابية نحو الاستفادة من أموال الغرف التجارية، وتفعيل دورها بدلا من أن تتحول الغرف إلى مجرد غرف لجمع الرسوم من التجار والصرف منها على حفلات الغذاء والعشاء للوفود الرسمية أو مصاريف وبدلات سفر السادة أعضاء الاتحاد إلى الخارج والداخل، أى على نفقة التاجر الصغير فى أقصى الصعيد أو على أطراف الحدود الدولية المصرية فى أى اتجاه كان.
وهو ما يجعلنا أيضا نتساءل عن ميزانيات الغرف التجارية فى مصر واتحادها العام، وما هي أوجه صرف هذه الأموال؟ وإذا كانت للغرف التجارية ممتلكات كيف تتم إدارتها وكيف يتم التصرف فيها؟ أعلم جيدا أن الميزانيات خاضعة لرقابة الجهاز المركزى للمحاسبات، وهي رقابة لاحقة على الأموال، وهي شيء جيد بلا شك، ولكن أين الرقابة السابقة على أوجه الصرف؟ ومن هو الذى يحدد أوجه صرف أموال كل غرفة تجارية فى مصر؟
بمعنى أوسع، مطلوب شفافية تامة وإتاحة كاملة للمعلومات عن أموال وممتلكات الغرف التجارية وعن ما تم وما سيتم عمله، ولنفعل مثل ما تفعله وزارة المالية من إتاحة الموازنة العامة للدولة بكل بنودها على موقع الوزارة، فإن فعلنا ذلك وعرضت كل غرفة الميزانية الخاصة بها فسوف نجعل التاجر هو الرقيب الأول على أمواله التى يدفعها، فلو سألت عددا من أصحاب المحال التجارية فى منطقتك عن الغرفة التجارية ودورها سيكون رد معظم إن لم يكن كل من سألتهم بأنها الجهة التى تأخذ منهم رسوم كل سنة فقط لا غير.
فللغرف التجارية دور أكبر من مجرد جمع الرسوم السنوية أو تأييد قرارات الحكومات المتعاقبة، وأموال التجار التى يتم جمعها منهم كرسوم سنوية يمكن أن يتم استخدامها بطريقة تخدم التجار مباشرة، فتمويل التجار فى صورة قروض ميسرة، أو تقديم خدمات تأمين صحى للتجار أو دعم الأنشطة الاجتماعية والثقافية والرياضية للتجار سيكون أفضل للجميع دون استثناء.
وإذا كانت عضوية الغرف التجارية لمن يريد العمل بالتجارة هي عضوية إجبارية فى مصر والعالم العربى، وإذا كانت فلسفة العضوية الإجبارية فى الماضى هي صناعة كيان رسمى يؤيد قرارات الحكومة باسم التجار مهما كانت هذه القرارات، فقد يأتى يوم تصبح فيه عضوية الغرف التجارية فى مصر اختيارية مثل كل الدول المتقدمة، وساعتها ستتلاشى كل الغرف التى لم تقدم شيئا للتجار، وستبقى فقط الغرف التى تمثل التجار تمثيلا حقيقيا وتقدم خدمات حقيقية لأعضائها.
ونقطة أخرى يجب البحث لها عن حل، وهي ازدواج الرسوم للقطاع الصناعى، فصاحب أى نشاط صناعى يسدد رسوما للغرفة الصناعية التابع لها نشاطه ويسدد رسوما أخرى عن السجل التجارى للغرفة التجارية الواقع فيها مقر نشاطه الصناعى، وهو موضوع بحاجة إلى مراجعة جادة من مجلس الوزراء لما يسببه من مشاكل لرجال الصناعة فى مصر.