قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

«رجب»... الشهر المهيب


كانت العرب قبل الاسلام تهاب شهر رجب وتعظمه وتحرم فيه القتال،ولما جاء الاسلام ازدادت هيبة الشهر السابع من تقويم عمر وتقدس رجوبه حتى صار شهر ذو جلال عند المسلمين في شتى بقاع الأرض وعلى مدار التاريخ.

ولقد عرفت العرب قديما - وقبل أن تنعم الجزيرة العربية بضياء الإسلام - الأشهر الحُرم والتي كان الالتزام بتجنب الاقتتال فيها ضرورة حتمية لا يمكن الإخلال بها تحت أي ظرف، ولهذا أضطرت قبائل الجزيرة وما حولها إلى التلاعب في الشهور فيقدمونها عاما ويؤخرونها عاما حسب حالة الحروب التي يخوضونها وهو ما سماه القرآن الكريم "النسئ" واصفا إياه بالزيادة في الكفر. ولقد كان لشهر رجب الحظ الأوفر في هذا التلاعب لأنه يأتي بعد الربيعين والجمادين حيث كان يشتد وطيس المعارك ولا ينفض غبار الحروب.

الإ أن قبيلة "مُضر" كانت استثناء واضحا بن قبائل العرب كافة فلا تغيره ولا تبدل مواقيت بدايته ونهايته اجلالا منها لقيمته وتقديسا لعظمته حتى أن المؤرخين أطلقوا على الشهر نفسه "رجب مُضر"، وهي القبيلة التي ينتسب اليها النبي محمد – صلى الله وعليه وسلم – حيث جده السابع عشر وهي أحد أهم قبائل الجزيرة العربية عبر تاريخها حتى ان ابن خلدون أطلق على اللغة العربية نفسها "لغة مُضر".

ولما أعز الله جزيرة العرب بالإسلام في بدايات القرن السابع الميلادي زادت هيبة "رجب مُضر" وتجلت عظمته، ففيه وُلد الفرج من رحم الشدة حيث ضاقت الأرض بالنبي محمد (ص) بعد ما لاقى في الطائف ما لاقاه، وشكا بثه وحزنه الى الله فكانت المنحة في رجب حيث إسراء من المسجد الحرام وإمامة الأنبياء في المسجد الأقصى ثم معراج الى سبع سماوات الى نور الله خلف السترة عند السدرة هنالك حيث كلم النبي محمد (ص) مولاه في رحلة إعجازية شكك فيها المغرضون واختلف في تحديد توقيتها المؤرخون وفُرضت الصلوات الخمسون قبل تخفيفها الى خمس.

وفي شهر رجب كان تاريخ الدعوة الإسلامية على موعد مع حدث جلل في السنة الخامسة من البعثة وهو هجرة المسلمين الأولى الى بلاد لا يُظلم عند ملكها أحدا "الحبشة"، حيث هاجر اليها عشرة رجال وأربعة نسوة كانوا نواة انتشار الدين الجديد ورسوخ دعوته، وكان على رأسهم بنت النبي (ص) رقية وزوجها عثمان بن عفان وابن عمه جعفر بن أبي طالب صاحب المناظرة الشهيرة مع الداهية عمرو بن العاص في بلاط النجاشي.
وفي رجب اهتزت أرجاء الجزيرة العربية بقتال سرية عبد الله بن جحش ورفاقهمن المهاجرين في مكان يُقال له "نخلة" بين مكة والطائف، وقاتلت السرية دون أن يأمرها الرسول بالقتال وأسرت كل من "عثمان بن عبدالله بن المغيرة"و"الحكم بن كيسان" وهما أول أسيرين في الإسلام، وقتلت نوفل بن عبدالله بن المغيرة وهو أول قتيل في الإسلام، مما أحدث جدلا واسعا واتهامات قُرشية للرسول بأنه قاتل في شهر حرام فيه القتال حتى نزل قرآن يُتلى الى يوم الدين ويحسم الجدل ويضبط الموازين وينتصر لقرار الصحابة بالقتال:{ يَسْأَلونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ }"البقرة: 217".

كما شهد رجب المهيب انتصارات مهيبة دون قتال؛ فانتصر الرسول الكريم وجيش العسرة في غزوة تبوك "الشاقة" في القرن التاسع الهجري بعد انسحاب الرومان من ميدان المعركة متذكرين ارتباكهم المرير أمام المسلمين في مؤتة، كما شهد رجب دخول أبو عبيدة وخالد بن الوليد دمشق سنة 14 هجرية صُلحامع أهلهاعلى أنصاف كنائسهم ومنازلهم وأن لايُمنعوا من أعيادهم، كما شهد رجب استرداد الناصر صلاح الدين الأيوبي بيت المقدس مؤديا فيه صلاة الجمعة بعد غياب دام تسعة عقود كاملة.
وتمتد مهابة رجب الى مهابة الأئمة اللذين ماتوا فيه؛ ففيه مات الإمام أبو حنيفة، والامام مُسلم، والإمام الشافعي، والإمام النووي، والإمام الفهامة ابن القيم الجوزيه، كما مات فيه العباس بن عبد المطلب عم النبي، كذلك عمر بن عبد العزيز الإمام الذي ملأ الأرض عدلا في أزهي عصور بن أمية، وفيه نعى الرسول (ص) النجاشي ملك الحبشة الى أصحابه في العام التاسع من الهجرة.
هكذا كان رجب مهيبا قبل الإسلام وبعده...دينيا وتاريخيا....سلميا وعسكريا.
فلنهاب جميعا رجب بالصيام والقيام وصالح الأعمال.. وكل عام ومصر والأمة الإسلامية والعربية بخير